lundi 3 février 2014

نحن لا نزرع الشوك

نحن لا نزرع الشوك!
لكننا نحصده!
كما قال يوسف السباعي، كاتب مصر العظيم وصاحب " إني راحلة "؛ قبل أكثر من ربع قرن!
الطقس بارد، والأطفال أقرب إلى العري منهم إلى ارتداء الملابس: ومن أين يأتون بالملابس والحرب أحرقت كل شيء!!؟؟

الجوع يفترس الأجساد المريضة في مخيم اليرموك والغوطة الشرقية ونبّل والزهراء وحمص والفوعة – والأجساد المريضة تلك تتساقط واقفة كأشجار سنديان عتيقة دون أن تجد من يمتلك القوة على دفنها!!
المرض يهاجم كل الضعفاء في مناطق الحرب الهزلية التي لا نملك سبباً منطقياً لاستعارها – والدواء محظور أو مقنن أو مسروق أو مقطوع!! والعالم منشغل بأخذ الصور لأصحاب الأجساد المتهالكة والتباكي على عودة الأمراض الخبيثة إلى وطن بذل كل ما عنده من طاقات للخلاص منها؟؟
البنى التحتية توشك على الدمار إلا ما رحم ربّك؛ الأبنية التي دفع السوريون البسطاء من دمائهم وعرقهم كل ما يقدرون عليه من أجل تملكها – صارت حكاية من الماضي؛ وقطط سوريا السمان في دول الاغتراب، لأسباب تفتقد الحد الأدنى من التبرير الأخلاقي، تعمل ليل نهار على جمع النقود من أجل إرسال المزيد من السلاح لتدمير ما تبقى من بقايا مدنية في أقدم مدنيات البشرية.
الاثار السورية التي لا تضاهى تباع عبر وسطاء لا علاقة لهم بأية منظومة قيم لمن يرغب وبأبخس الأثمان: كيف لا وأن من يبيعها لا يعرف الحد الأدنى للمفهوم ثقافة أو للمصطلح معرفة!!
الكلاب تحمل رؤوساً بشرية من قلب عدرا العمالية تحت مرأى ومسمع العالم؛ ودول الحضارة المزعومة تكتفي بإصدار بيانات تطلب فيها بالتحقق من المعلومة التي قد تكون مسيسة، في حين يطالب العرب المسعورون بالمزيد عبر صب لا يتوقف لزيت التسليح على نار الموت السورية!
ولأول مرة في التاريخ البشري بعد الوحش النازي، يتم شي بشر في فرن في عدرا العمالية، وتوزيع خبز الجماعات الإسلامية الملوث بالدم على السكان المدنيين هناك – وألمانيا تكتفي بإغلاق العينين نفاقاً، في حين أن أصحاب " ياد فا شيم " لا يعرفون غير الصمت طريقاً للتعامل مع أوشفيتس السورية!
نحن لا نزرع الشوك!!
نحن لا نحب الشوك ولا نزرعه!!
زيتون دوما العتيق يتساقط تحت مطارق البرد والحاجة إلى النقود!!
أشجار سورية القديمة الجميلة تركض نحو نيران العبثية " الإسلاموية " لأنها، في اعتقادهم، تحمل شيئاً من تقديس وتبارك من أصحابها وهذا أحد أشكال الشرك!
الرقّة تُسترق للمرة الأولى في تاريخها من قبل جماعات تكره الجمال وتأنف من الحب وتخاف الحرية!
رقّة هارون الرشيد، الرجل الذي اشتُهر بابتداعه لأغرب وأعمق فنون العيش، نُقلت على أيدي مجموعة من معتوهي القرن إلى حالة قبورية أين منها روايات كافكا؟؟
سقط جسر دير الزور الجميل!!
نُبشت قبور جداتنا في تدمر وسرق الإسلامويون أكفانهن!!
وتراكضت جواري درعا القرن الحادي والعشرين أمام من يدفع أكثر من كهول الخليج في سوق الزعتري – والنخّاس الأردني الوقح يتأمل بتلذذ لا يخلو من تشفي!!
أطفال إدلب يبيعون تحت المطر الصقيعي زهوراً غير جميلة قرب صخرة الروشة البيروتية لمن يرغب من العشّاق!
حرائر الغوطة يتراكضن خلف المعونات وهن على استعداد لفعل أي شيء مقابل " سلّة غذائية " بعد أن مات الزوج وهرب الأخ وسقط الأب مريضاً من هول الصدمة وهن اللائي اعتدن على الاعتماد على آخر من ذكور العائلة...
سوريا لم تزرع الشوك
لكنها تجبر على حصده:
وكما المناجل في أيدي السعوديين والأرادنة في عدرا العمالية كانت تحصد رؤوس السوريين الطيبين في البلدة غير القديمة؛ الأيدي ذاتها تجبر السوريين اليوم على حصاد الشوك...
إلى متى؟؟  

Aucun commentaire: