mardi 23 septembre 2008

123






السيرة الذاتية ألفة يوسف

المؤلفات و الكتب

L’absence refusée ou l’obsession de la réponse مقاطع من كتب 1
مقاطع من كتب 2 ناقصات عقل ودين: بين حرفيّة القانون وروح القانون
مقاطع من كتب 3 حيرة مسلمة

le reste n’est que convention sociale variable
بعض المقالات 1
A propos d’un article de Dalenda Larguêche
بعض المقالات 2
بعض المقالات 3 مدى مساهمة البرامج التلفزيونيّة في تشكيل الهويّة الجنسيّة لدى الطّفل

groupe de dr olfa youssef sur facebook


site officiel de dr olfa



Selon alexia.com blogger.com le site que nous utilisons est classé premier mondial en nombre de hits plus populaire que youtube et facebook ;les plus grands stars de musique et cinéma a coté de leur sites officiels ils font des blogs pour toucher la communité blogospherienne et parfois le nombre de connection sur le blog dépasse le site officiel.

من حيرة مسلمة



فهرس حيرة مسلمة
دار سحر 2008.
الفصل الأوّل: حيرة في الميراث

حيرة 1: الميراث بين الاختيار البشريّ والجبر الإلهي

حيرة 2: من هم الوارثون؟

حيرة 3: للذّكر حظّ الأنثيين؟

حيرة 4: هل يرث الأحفاد والجدود؟

حيرة 5: التّعصيب

حيرة 6: الحجب

حيرة 7:الكلالة

الفصل الثّاني: حيرة في الزّواج

حيرة 1:هل المهر ضرورة في الزّواج؟

حيرة 2: هل المهر عوض عن فرج المرأة؟

حيرة 3: طاعة الزّوج في الفراش

حيرة 4: زواج المتعة

حيرة 5 : النّكاح في الدّبر

حيرة 6: الزّواج بصغيرات السّنّ

حيرة 7: تعدّد الأزواج؟ تعدّد الزّوجات؟

حيرة 8: العدّة

حيرة 9: نكاح اليد

الفصل الثّالث: حيرة في الجنسيّة المثليّة

حيرة 1: الازدواج الجنسيّ في القرآن؟

حيرة 2: السّحاق خبرا في القرآن أو لماذا سكت القرآن عن السّحاق؟

حيرة 3: السّحاق حكما في القرآن

حيرة 4: اللواط خبرا في القرآن

حيرة 5: اللواط حكما في القرآن

حيرة 6: لماذا عوقبت امرأة لوط؟

حيرة7: السّحاق واللواط حدّا

حيرة8: غلمان الجنّة للخدمة الجنسيّة؟

تقديم

هذا الكتاب لا يعدو أن يكون قراءة متسائلة لآيات قرآنيّة يعتبرها جلّ المسلمين محكمة واضحة لا تطرح أيّ إشكال ولاتستدعي أيّ تفكير. فمن لا يعرف أنّ للذّكر حظّ الأنثيين من الميراث؟ ومن يشكّ في أنّ كلّ المواريث فرائض محدّدةبصريح النّصّ القرآنيّ؟ ومن ينكر أنّ اللواط هو المثليّة الجنسيّة وأنّه محرّم بنصّ القرآن؟ ومن لا يقرّ بإباحة تعدّدالزّوجات وإن وفق شروط معيّنة؟ ومن يناقش مفهوم طاعة الزّوجة زوجها في الفراش؟إنّنا نصرّح منذ البدء بأنّ هذه "الحقائق" ليست من الحقيقة في شيء، ونتمسّك بأنّ القرآن وإن يكن كلاما إلهيّا فإنّهقول لغويّ وهو شأن أيّ قول لغويّ قابل لتفاسير شتّى ونؤكّد أنّ كلّ من يدّعي امتلاك المعنى الواحد الحقيقيّ للقرآن
إنّما هو إذ يتكلّم باسم الله تعالى، ينتصب في موضع العليم ذي المعرفة المطلقة، فيوهم النّاس أنّه يمتلك الحقيقة الّتي لايمتلكها إلاّ الله عزّ وجلّ، ويعبد في حقيقة الأمر ذاته وفكره منكرا حدوده البشريّة ونسبيّته الجوهريّة.

إنّنا واعون بركوبنا مركب الخطر في مساءلة المستقرّ وتحريك الرّاكد وتهديد إجماع الأمّة، يحفزنا على ذلك إيمانعميق بأنّنا إذ نسائل الكلام الإلهيّ لا نقرّ حقيقة نهائيّة ولا نثبت تأويلا قاطعا. وأنّى لنا أن نثبت حقيقة ونحن مؤمنونبأنّنا ما أوتينا من العلم إلاّ قليلا ومعتقدون أنّ تأويل القرآن لا يعلمه إلاّ الله ومسلّمون بأنّه عزّ وجلّ ينبّئنا يوم القيامة

بما كنّا فيه نختلف؟

إنّنا لا نجد أيّ حرج في مساءلة آيات استقرّ تفسيرها في السنّة الفكريّة الإسلاميّة لأنّنا نشعر بمدى تأثير التّفاسير المستقرّة النّهائيّة للقرآن في تشريعات البلاد الإسلاميّة وفي مخيال المسلمين تأثيرا ولّد موقفين هما إلى ردود الأفعال أقرب منهما إلى النّظر العلميّ المنهجيّ. الموقف الأوّل يدعو إلى أن نضرب صفحا عن دين لا يقرّ بالمساواة بين الجنسين ويحكم برجم اللوطيّ ويجبر المرأة على أن لا تمتنع عن زوجها ولو كانت على ظهر قتب. على أنّ أصحاب
هذا الموقف ينسون أو يتناسون أنّ أساس المكوّنات الثّقافيّة لاواع وأنّهم مهما ينهلوا من ثقافات وحضارات وعلوم أخرى قد نشؤوا في مجتمعات مسلمة بالمعنى الثّقافيّ على الأقلّ ، فلا يمكنهم بجرّة قلم أو بقرار عقليّ واع أن يمحوا

بصمة اللاوعي الجمعيّ.

أمّا الموقف الثّاني فإنّه يدعو إلى أن نقبل تأويلات الفقهاء قبولا حرفيّا، محوّلا إيّاهم إلى ناطقين رسميّين باسم الله عزّ وجلّ. وينسى أصحاب هذا الموقف أنّهم باعتماد هذا التّصوّر إنّما يعبدون الفقيه في أشكاله المختلفة وتجلّياته المتعدّدة
متوهّمين أنّهم يعبدون الله.

لسنا دعاة إلى التّوفيق ولسنا دعاة إلى التّلفيق كما قد يقول البعض. إنّنا ندعو إلى إعمال الفكر والتّساؤل شوقا إلى الحقيقة لا نزعم مثل سوانا امتلاكها. وإنّنا وإن انتقدنا بشدّة موقف الأصوليّ يقسّم الأفعال البشريّة إلى حرام بيّن وحلال بيّن، ويؤكّد أنّ معاني القرآن واحدة لا تتعدّد درءا للفرقة والاختلاف فإنّنا نرى أنّ هذا الموقف متلائم على خطله وخطورته مع المنظومة الأصوليّة المنغلقة الّتي تقرّ بأحديّة الحقيقة وتعتقد امتلاكها. أمّا موقف المعادي للدّين فهو

مثير للاستغراب إذ أنّ كلامه المتهجّم على الدّين يضمر خلطا واضحا بين معنى القرآن الأصليّ الّذي لا يعرفه أحد من جهة وتأويلات الفقهاء والمفسّرين من جهة ثانية. وبذلك لا يعدو موقف من يعادي الدّين مطلقا أن يكون معبّرا عن أصوليّة أخرى وانغلاق أشدّ.

إنّنا في هذا الكتاب أبعد ما يكون عن الأصوليّة في وجهيها الدّينيّ والحداثيّ، ذلك أنّنا لا نريد تقديم أجوبة جاهزة نهائيّة وننتمي إلى السّؤال قبل الجواب والحيرة قبل الاطمئنان. إنّنا نودّ أن نرمي حجرا فكريّا فيما ركد واستقرّ من قراءات بشريّة غدت بفعل الزّمان مسلّمات مقدّسة لا تقبل النّقاش ولا تستدعي التّحقيق، ولا شكّ أنّ الفكر الرّاكد في حاجة إلى من يحاوره ويحرّكه ويناقشه حتّى لا يتحوّل إلى آسن عفن يهدّد الفكر الحرّ الحديث ومكتسبات حقوق الإنسان.

نكاح اليد



من المشروع التّّساؤل عن سبب إدراج الاستمناء أو نكاح اليد ضمن فصل خاص بالزّواج. ونجيب بأنّ الاستمناء من منظور بعض الفقهاء والمفسّرين ضرورة يُلتجأ إليها في حال غياب إمكان الزّواج أو التّسرّي. فنكاح اليد ضرب من الممارسة الجنسيّة طرح في علاقته بإمكان الزّواج وأثار موقفين نعرضهما ونناقشهما مبيّنين ما يثيرانه من حيرة ونقاط ستفهام.

الموقف الأوّل رافض للاستمناء يعتبره محرّما. ويستدلّ أصحاب هذا الموقف ومنهم "الإمام الشافعي، رحمه الله،ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ..." قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال: " فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" ". وعلى هذا الأساس يحرّم هؤلاء أيّ علاقة جنسيّة باستثناء العلاقة مع الأزواج أو مع ملك اليمين. ويبدو أنّ حفظ الفرج المطروح يتّصل بحفظه على موضوع جنسيّ بشريّ ممكن فهل نكاح اليد أو اعتماد أيّ
"أداة أخرى" لاستجلاب المتعة الجنسيّة نظير للإنسان الموضوع الجنسيّ الشّائع؟ وبعبارة أخرى هل نتصوّر أن يُطلب من شخص حفظ فرجه على جميع النّساء باستثناء زوجاته وجواريه وأن يفيد هذا الطّلب دعوة له إلى حفظ فرجه على يده وعلى أيّ أداة قد تمتعه؟ إنّ كشك يستهزئ بهذا التّفسير ويذهب إلى القول: " إذا كان قد أبيح لنا نكاح ماملكت اليمين... لماذا لا ننكح اليمين ذاتها؟".

على أنّنا إذا تجاوزنا هذا الضّرب من المواقف المتسرّعة واعتبرنا أنّ حفظ الفرج يكون بالنّكاح والتّسرّي، وإذا اعتبرنا حينئذ أنّ الآية المذكورة تقرّ بأنّ المؤمن يجب ألاّ ينكح إلاّ الزّوج أو ملك اليمين فإنّها تغدو آية غير محرّمة للعلاقةالجنسيّة بين المثليّين باعتبار أنّ هؤلاء يمكن أن يكونوا أزواجا، كما يمكن أن يتسرّى الرّجل بجارية أو بغلام ممّا تحقّق في تاريخ المسلمين. فإن قيل إنّ الجنسيّة المثليّة محرّمة بآيات أخرى قلنا إنّ عبارة حفظ الفرج تثير مشكلا ثانيا لعمومها وذلك خلافا للفظ النّكاح. فالقول: لا تنكح إلاّ زوجاتك وإمائك واضح نسبيّا. أمّا القول: احفظ فرجك
على الجميع إلاّ عن زوجاتك وإمائك فإنّه يحيّر لتعدّد معاني الحفظ. هل يقتصر معنى حفظ الفرج على حفظه من إقامة علاقة جنسيّة شائعة أي من تلاقي فرجين أم يتجاوز ذلك إلى حفظه من اللمس بل حتّى من النّظر؟ وهذا المعنى

الثّاني الممكن يفيد أنّ الطّبيب لا يمكن أن ينظر إلى فرج مؤمن مريض ولا يمكن أن يلمسه رجلا كان أو امرأة ذلك أنّ هذا النّظر أو اللمس مخترق لقانون حفظ الفرج. ولا يَحُلّ الاستنادُ إلى الضّرورات الّتي تبيح المحظورات الإشكالَ إذ ختلف حدود الضّرورات من مفسّر إلى آخر. ويمكن أن يذهب البعض إلى أنّ الرّغبة الجنسيّة المكبوتة ضرورة قد

تبيح لصاحبها الاستمناء المحظور أي قد تدعوه إلى عدم حفظ فرجه عن يمينه، وهو ما ذهب إليه الفقهاء القائلون

بجواز نكاح اليد.

على أنّ المهمّ في هذا المستوى بيان أنّ الآية المذكورة لا تكفي دليلا على تحريم الاستمناء بل إنّ علماء القرآن أنفسهم

يعتبرون تحريم الاستمناء انطلاقا من هذه الآية استنباطا، وهذا شأن الزّركشي الّذي يشير إلى أنّ بعض أحكام القرآن

تؤخذ بطريق الاستنباط "كاستنباط الشّافعي تحريم الاستمناء باليد من قوله تعالى إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم

إلى قوله فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون". ويستند بعض محرّمي الاستمناء إلى السّنّة النّبويّة معتمدين

الاستنباط نفسه. فعن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: : "يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج

فمن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وجاء". وقد "استدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه (الرسول)

أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة فلو كان الاستمناء مباحا لكان الإرشاد إليه أسهل ".

ونحن نرى أنّ الحديث المذكور ورد في مقام خاصّ يقدّم نصيحة عامّة إلى شباب المسلمين ولا نتصوّر أنّه يقدّم جميع

الحلول الممكنة لمن لم يستطع الزّواج بل لا نتصوّر الرّسول بحيائه يقدّم الاستمناء حلاّ وهو مسألة خصوصيّة لا شكّ أنّ

كلّ شابّ يعرفها وليس في حاجة إلى الرّسول ليذكّره بها. ثمّ إنّنا لو عددنا هذا الحديث تشريعا ملزما لوجب أن نعتبر

كلّ من وجد الباءة ولم يتزوّج مذنبا باعتباره مخالفا لأحد أوامر الرّسول التّشريعيّة. ويؤكّد موقفنا حديث ثان للرّسول

خاطبه فيه أبو هريرة قائلا: "قلت يا رسول الله إنّي رجل شابّ وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوّج به

النّساء فسكت عنّي ثمّ قلت مثل ذلك فسكت عنّي ثمّ قلت مثل ذلك فسكت عنّي ثمّ قلت مثل ذلك فقال النبيّ صلّى الله

عليه وسلّم يا أبا هريرة جفّ القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر". هل نتصوّر أنّ هذا الحديث تشريع مطلق

وحينئذ يجب أن يترك كلّ شابّ لم يجد الباءة التّفكير في الجنس وإن لم يستطع فعليه أن يختصي. أو لم يأمر الرّسول

بذلك فكيف لا نطيعه؟ ثمّ كيف نوفّق بين هذا الحديث الصّحيح الّذي يأمر بالاختصاء وحديث صحيح آخر يقول فيه بعض

الصّحابة: "كنّا نغزو مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس لنا نساء فقلنا يا رسول الله ألا نستخصي فنهانا عن

ذلك"؟ إنّ القراءة السّطحيّة الّتي تريد تحويل الأحداث اليوميّة والأخبار الفرديّة أسسا تشريعيّة خطرة إذ توقعنا في

مزالق التّناقضات والمفارقات والسّفسطة في حين أنّ النّظر في مقاصد الشّريعة الإسلاميّة وقيمها الكبرى حلّ لكثير من

المآزق الفقهيّة.

ومن أمثلة هذه المآزق سعي من حرّم الاستمناء إلى إيجاد حجج قطعيّة من النّصوص رغم أنّها غائبة فعلا. فتمحّلوا

أحاديث أقلّ ما يقال عنها إنّها غريبة شأن قول مسند إلى الرّسول: "سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا

يزكيهم، ولا يجمعهم مع العاملين، ويدخلهم النار أوّل الداخلين، إلا أن يتوبوا، فمن تاب تاب الله عليه: ناكح يده ،

والفاعل، والمفعول به، ومدمن الخمر، والضّارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة

جاره". إنّ هذا الحديث لا يُقبل نقلا فهو "غريب، وإسناده فيه من لا يعرف؛ لجهالته" بشهادة ابن كثير ولكنّه

حديث لا يُقبل عقلا إذ كيف نتصوّر أنّ نكاح اليد على فرض تحريمه ذنب يماثل في شدّته وفي عقابه ذنب من يضرب

والديه حتّى يستغيثا والحال أنّ القرآن لا يشير إلى الاستمناء في حين أنّه يعجّ بالآيات الّتي تدعو إلى الإحسان إلى

الوالدين والرّفق بهما.

إنّ عددا من علماء السّلف قد أباح الاستمناء لسبب بسيط أوّل وهو غياب أيّ نصّ يحرّمه. وهذا موقف أهل الظّاهر

الّذين يستندون إلى أنّ الله تعالى قد فصّل على المسلمين ما حرّم عليهم :"...وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ

عَلَيْكُمْ..." (الأنعام6/119). ولم يعتمد من أباح الاستمناء على أيّ من أحاديث الرّسول الضّعيفة ممّا

يؤكّد ضعفها إذ لو كانت قاطعة فكيف يتغاضى عنها ابن حزم وابن حنبل مثلا، فأحمد بن حنبل على ورعه يجوّز

الاستمناء، ويحتجّ بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة، أصله الفصد والحجامة. وقد أباح بعض المفسّرين

الآخرين الاستمناء في حال الضّرورة خشية الوقوع في الزّنى فاعتبروا أنّ الاستمناء أخفّ الضّررين ولعلّه يدخل في

مقارنة ثلاثيّة أحيانا "فقد روي عن ابن عبّاس أنّ نكاح الإماء خير منه وهو خير من الزّنى".

ومثلما هو دأبنا في هذا الكتاب فإنّنا لا نودّ الإقرار النّهائيّ بتغليب رأي على رأي إلاّ أنّ ما يلفت انتباهنا هو نشدان عدد

كبير من المفسّرين تأويل القرآن والسّنّة تأويلا متشدّدا يضيّق أطر الجنسانيّة ويتحرّج منها بل لعلّ بعض "الفقهاء

المحدثين" يجد متعة ساديّة في المبالغة في تحريم الاستمناء محوّلا إيّاه ذنبا كبيرا، نافيا اللجوء إليه حتّى في حال

الضّرورة متناسيا أنّ أغلب شباب البلاد الإسلاميّة اليوم لا يتزوّج إلاّ في سنّ متأخّرة نسبيّا أي بعد تجسّم الشّهوة

الجنسيّة بعشر سنوات أو أكثر.

والأغرب أنّ جلّ "المشايخ" الّذين يحرّمون الاستمناء لا يشيرون إلى من أباحه من الفقهاء والمفسّرين بل لا

يذكرون رأي من اعتبره مباحا للضّرورة بالنّسبة إلى من كان يجوز لهم ملك اليمين وإلى من كان ممكنا عندهم الزّواج

المبكّر، فما بالك بشباب اليوم؟ أو لا يكون الاستمناء الّذي يمارسه عدد كبير من الشّباب المسلم ضرورة يفرضها بؤس

العلاقات الجنسيّة في مجتمعاتنا الإسلاميّة اليوم تصوّرا وممارسة؟

إنّ الفقهاء الجدد يستندون تارة إلى معلومات دينيّة مبتورة وطورا إلى معلومات "طبّيّة" مضحكة، ومن أمثلة ما

يذكره المشايخ اليوم على شبكة الأنترنت من معلومات طبّيّة خاطئة للشّباب ما يقوله عبد الله بن عبد العزيز الباز

الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد: "ثبت في علم الطب أن الاستمناء يورث عدة

أمراض : منها : أنه يضعف البصر, ويقلل من حدته المعتادة إلى حد بعيد، ومنها: أنه يضعف عضو

التناسل, ويحدث فيه ارتخاء جزئيا أو كليا, بحيث يصير فاعله أشبه بالمرأة لفقده أهم مميزات الرجولة التي فضّل

الله بها الرجل على المرأة, فهو لا يستطيع الزواج ,وإن فرض أنه تزوّج فلا يستطيع القيام بالوظيفة الزوجية على

الوجه المطلوب، فلا بد أن تتطلع امرأته إلى غيره لأنه لم يستطع إعفافها, وفي ذلك مفاسد لا تخفى. ومنها: أنّه

يورث ضعفا في الأعصاب عامّة نتيجة الإجهاد الذي يحصل من تلك العملية. ومنها: أنّه يورث اضطرابا في آلة

الهضم فيضعف عملها, ويختلّ نظامها. ومنها: أنّه يوقف نموّ الأعضاء خصوصا الإحليل والخصيتين, فلا

تصل إلى حد نموها الطبيعي. ومنها: أنّه يورث التهابا منويّا في الخصيتين فيصير صاحبه سريع الإنزال إلى حدّ

بعيد بحيث ينزل بمجرد احتكاك شيء بذكره أقلّ احتكاك. ومنها أنّه يورث ألما في فقار الظهر, وهو الصّلب الذي

يخرج منه المني, وينشأ عن هذا الألم تقويس في الظهر وانحناء. ومنها: أنّه يحلّ ماء فاعله فبعد أن يكون منيه

غليظا ثخينا كما هو المعتاد في مني الرجل يصير بهذه العملية رقيقا خاليا من الدودات المنوية, وربّما تبقى فيه

دويدات ضئيلة لا تقوى على التلقيح فيتكون منها جنين ضعيف، ولهذا نجد ولد المستمني- إن ولد له- ضعيفا بادي

الأمراض, ليس كغيره من الأولاد الّذين تولدوا من مني طبيعي.ومنها: أنّه يورث رعشة في بعض الأعضاء

كالرجلين. ومنها: أنّه يورث ضعفا في الغدد المخيّة فتضعف القوة المدركة, ويقلّ فهم فاعله بعد أن يكون

ذكيّا, وربما يبلغ ضعف الغدد المخية إلى حد يحصل معه خبل في العقل. وبذلك يتضح للسائل تحريم الاستمناء

بغير شك للأدلة والمضار التي سبق ذكرها- ويلحق بذلك استخراجه بما يصنع على هيئة الفرج من القطن ونحوه,

والله أعلم".

إنّ قارئ هذا الكلام إذ يقارنه بآراء ابن حنبل وابن حزم مثلا وإذ يعرضه على الواقع الجنسيّ للشّباب العربيّ لا يمكن

أن لا يتساءل: هل استناد الفقهاء إلى معلومات دينيّة مبتورة وإلى "نتائج" طبّيّة خاطئة وهل مبالغتهم في التّخويف

والتّهديد والزّجر والوعيد من جهة أخرى يحلاّّن مشكل تصريف الطّاقة الجنسيّة؟

L’absence refusée ou l’obsession de la réponse

Tous les exégètes mettent en exergue, généralement
dans les introductions et préambules, le caractère
relatif de leurs lectures du coran. Mais
paradoxalement, la plupart d’entre eux réfutent les
lectures divergentes aux leurs. Même Tabari dont
l’exégèse est réputée par la compilation de toutes
les interprétations qui l’ont précédées, en réfute
certaines soutenant qu’elles sont différentes des
acceptions fréquentes et communes. Quant à Razi, il
va jusqu’à évoquer « l’interprétation juste». Il
est clair qu’il y a un hiatus entre la relativité
prônée dans les introductions et l’exclusion
interprétative décelée dans les lectures du coran.
Ce hiatus mérite une attention particulière car
lorsqu’un exégète insiste théoriquement sur la
relativité pour revenir sur sa parole en niant avec
véhémence une interprétation coranique, et en
imposant une autre, il doit être nécessairement mu
par un besoin impétueux, plutôt inconscient de
trouver LE SENS du coran. Ce même besoin est
partagé par la masse des musulmans, il suffit de
jeter un coup d’œil rapide sur la plupart des
chaînes de télévisions arabes et sur la majorité
des journaux dans les pays musulmans pour constater
qu’ils regorgent d’émissions et de rubriques basées
sur la dualité : questions/réponses, où des ulémas,
des penseurs et des fuqahas répondent aux questions
posées par la masse des musulmans, questions
relatives à l’interprétation du coran et à la
législation islamique. Si ces ulémas tentent de
donner des réponses satisfaisantes et si les
musulmans se ruent sur ces interrogations
obsédantes, c’est qu’autant les premiers que les
seconds éprouvent le besoin de réponses
définitives, et ne peuvent accepter la perte de
l’intention divine et veulent combler l’absence du
sens originel.

ناقصات عقل ودين: بين حرفيّة القانون وروح القانون: الزّنى مثالا



الزّنى مثالا

حيّرتني عند نظري في كتب السنّة والسّيرة مواقف من الرّسول لا تعير كبير اهتمام لإقامة الحدود وتطبيق القانون،وكان منطلق حيرتي التقابل الكبير بين "تسامح" الرسول من جهة وما يقوم عليه الفقه الإسلاميّ لا سيّما المتأخّر من ركيز على الحدود وإعلاء من شأنها.
حيّرني موقف الرّسول الذي أتاه أحد المؤمنين يعلمه بأنّ رجلا متزوّجا قد زنى فقال الرّسول للمُخبِر "لو سترته بردائك لكان خيرا لك".ولاحظت تململا وقلقا واضحين يعتريان جلّ من أخبرتهم بهذا الحديث.ولا شكّ أنّ وراء هذا القلق ما يرتبط في تصوّراتنا الاجتماعية بالعلاقة الجنسيّة مطلقا وخارج إطار الزواج بصفة أخصّ من شحنة أخلاقية بلغ من تجذّرها في المخيال الجماعي أن كاد معنى الفساد مسندا إلى فرد مّا يقتصر على إقامته علاقات جنسيّة خارج
إطار الزواج.
وذكّرنا هذا الفصل من سنّة الرسول -الوارد في كتب الصّحاح المعترف بها- بقصّة شهيرة في الأناجيل تعرض لموقف عيسى المتسامح من امرأة متزوّجة زنت وكان القضاة مقتفين خطاها ليرجموها. فإذا بالمسيح يتصدّى لهم قائلا قولته الشهيرة:"من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".فألقى القضاة جميعهم أحجارهم.
إنّ حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم وموقف المسيح كليهما يبيّن ظاهريّا خروجا عن القانون المفترض.فقانون المسيحيّة ينهى عن زنى المتزوّج وقانون الإسلام ينهى عن الزّنى عموما،ومن المفترض ليطمئنّ المرء المسلم إلى تطبيق القانون أن يحكم الرّسول على الزّانيين وفق قانون الحدود بالجلد استنادا إلى ما هو وارد في القرآن أو بالرّجم وفق ما تثبته بعض الأحاديث.ولكنّ الرّسول يحوّل موضوع اللوم من الزاني مقترف الذنب المفترض إلى الشاهد
والنّاقل.
قد يكون مردّ هذا التحوّل غياب شرط أساسيّ لتتحقّق "جريمة الزّنى" وهو حضور أربعة شهداء.وهو شرط يعسّر
تطبيق الحدّ على الزّاني إذ يندر أن يقيم شخصان علاقة جنسية بحضور أربعة شهداء فضلا عن أن تكون هذه العلاقة "جريمة" يُعاقب عليها القانون.فهل يعني التّشديد في شرط تطبيق الحدّ على الزّناة موقفا متسامحا من الزّنى أم هل هو وقاية من الوشاية؟ وهل التّشدّد في هذا الشرط تيسير للزّاني أم تشديد على الشّاهد على فعل الزّنى؟
لا يمكن تقديم جواب قطعيّ وقد أسلفنا أن لا جواب قطعيّا.ولكن لننظر في السّببين الممكنين ودلالاتهما على علاقة
الإنسان المسلم بالآخر وبالقانون.
التيسير للزّاني؟:
إذا نظرنا في تقنين القرآن والسنّة للعلاقات الجنسية وجدنا أنّ المواضيع الجنسيّة المباحة أكثر من المواضيع الجنسيّة لمحرّمة.فإذا استثنينا المحارم والمشركين فإنّ سائر المواضيع الجنسية مباحة.فللرّجل أن يتزوّج أربع نساء على الأكثر وليس الزّواج من حيث شروطه الإجرائية عسيرا إذ يكفي وجود شاهدين عدلين ومهر حتى يكتسب عقد الزواج الشّرعية.وقد زوّج الرّسول أحد المسلمين بمهر رمزيّ هو ما يحفظه ذلك الرّجل من القرآن.ويختلف المفسّرون في
تحريم زواج المتعة انطلاقا من قول الله تعالى:"…فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً…"(النّساء4/24)،ويرى بعض الدّارسين أنّ عمر بن الخطّاب هو الّذي حرّم زواج المتعة،وفي هذا الإطار يدرج الطّبري قول عليّ بن أبي طالب:"لولا أنّ عمر رضي الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ".وفي إطار العلاقات الاجتماعيّة الّتي تقبل الرّقّ يكون للرّجل حقّ التّسرّي بما شاء من ملك اليمين وله سبي النّساء في الغزوات
وإن كنّ متزوّجات.ويؤكّد أنس بن مالك أنّه لا يرى بأسا في أن ينزع الرّجل جاريته من عبده.وللرّجل تسريح زوجاته بإحسان متى شاء وتزوّج سواهنّ وفق الشّروط المذكورة.وللمرأة الخلع من زوجها بشرط إرجاع مهره إليه،ولها الزّواج برجل من المسلمين وأهل الكتاب دون المشركين.ولا نجد في القرآن آية صريحة في تحريم علاقة الحرّة بملك يمينها،ولا آية صريحة في تحريم زواج المرأة بأكثر من رجل إذ اختلف المفسّرون في دلالة لفظة "محصنة" في
قول الله تعالى:"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ…وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" (النّساء 24/23-).ولكنّنا- درءا للجدل الّذي ليس هدفنا- نأخذ بالتفسير العرفي السّائد الّذي يرى أنّ للمرأة أن تنكح زوجا واحدا يمكنها خلعه متى شاءت.
واضح أنّ إمكانات تحقّق الممارسات الجنسيّة كبيرة جدّا خلافا لما هو الشأن في بعض قراءات الديانة المسيحيّة حيث لا تسرّيَ وحيث لا يحلّ للإنسان أن يحُلّ ما عقده الله أي أن يفصم عرى علاقة الزّواج.ويمكن أن نطرح في هذا المستوى سؤالا عن الفرق بين هذه العلاقات الجنسيّة الكثيرة المباحة والزّنى المحرّم علّنا نتبيّن معنى تحريم الزّنى أو سببه.

لماذا كان الزّنى فاحشة؟:

يعرّف الفقهاء الزّنى بأنّه "عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرّم قطعا".ويمكن أن نعتمد هذا التّعريف ضاربين صفحا عن وجود ضروب عديدة من الممارسات الجنسيّة لا تدخل ضمنه،وهي ممارسات حيّرت الفقهاء وولّدت اختلافات عديدة بينهم.ويبدو واضحا أنّ الفرق بين الزّواج والتسرّي من جهة والزّنى من جهة ثانية ليس في طبيعة
العلاقة الجنسيّة أو سماتها بل في خضوع العلاقتين الأوليين لشروط تنظيميّة وخلوّ العلاقة الثالثة منها،ففي حال التسرّي والزّواج تعلم الجماعة بإمكان قيام علاقة جنسيّة بين شخصين في حين أنّ الجماعة تجهل إمكان قيام علاقة جنسيّة بين لزّانيين.ولذلك فإنّه يجوز في الحالتين الأوليين أن ينسب الطفل إلى أبيه الممكن إذ يؤكّد الرسول صلى الله عليه

وسلّم أنّ "الولد للفراش وللعاهر الحجر".إنّ علاقة الزّنى لقيامها على جهل الجماعة بها قد تنتج أطفالا لا يمكن نسبتهم إلى آبائهم في مجتمع يقوم على دعوة الابن لأبيه،وهي لذلك علاقة من شأنها أن تهدّد النّظام الاجتماعيّ بل من شأنها أن تهدّد القانون الأصليّ الّذي يقوم عليه
الجنس البشريّ وهو قانون منع إتيان المحارم*.فغياب اسم الأب* قد يؤدّي إلى إمكان قيام علاقة جنسيّة بين الأب وابنته أو الأخ وأخته دون أن يعلم كلّ واحد منهما بما يربطه بالآخر من علاقة دم.وهذا الإمكان هو الّذي يفسّر تحريم التّبنّي بمعنى نسبة الابن إلى غير أبيه في حال معرفة ذلك الأب،ذلك أنّ التّبنّي يقيم اسم الأب* على الكذب فيتموضع الأصل في الكذب ويفقد الاسم المنشئ قدرته على إثبات الإنسان منذ البدء في محلّ الصّدق.ولذلك قال الرّسول صلّى
الله عليه وسلّم:"ليس من رجل ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه إلاّ كفر".

روح القانون:

إنّ قانون تحريم الزّنى إذن لا ينشد تحديد العلاقات الجنسيّة بل هو تفريع من القانون الأصليّ الّذي يمثّل شرط دخول الإنسان في الثّقافة وذلك مهما تكن ديانته أو انتماؤه الاجتماعيّ.وموقف الرّسول من الزّانيين في اختلافه عن الموقف المتشدّد المتوقَّع أي موقف إقامة الحدّ إنّما يجسّم في رأينا تجاوزا للتّطبيق الآليّ للقانون إلى محاولة قراءة القانون أو
إضفاء معنى عليه بالنّفاذ إلى روحه.فتحريم الزّنى ليس هدفا في ذاته وحدّ الزّانيين ليس ردعا للرّدع ولكنّه متّصل بالخشية من اختلاط الأنساب ومن ثمّ خشية إتيان المحارم*. إنّ في موقف الرّسول دعوة إلى التّفكير في القانون الفرعيّ أي تحريم الزّنى في إطار القانون الأصليّ أي تحريم المحارم*،وهو يؤكّد لنا أنّ كلّ القوانين الفرعيّة لا تحكمها الآليّة بل التّفكير وإعمال النّظر ممّا تجسّم تاريخيّا في تفكير عمر في قانون قطع اليد وتعطيله،وفي تحريمه العمرة في أشهر الحجّ وفق تفسير ممكن لروح القانون.والنّاظر في أحاديث الرّسول يرى أنّه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن متسرّعا إلى تطبيق الحدود ولا سبّاقا إلى الرّدع والزّجر،فقد جاء في صحيح البخاري أنّ الرّسول أعرض مرّات
عن رجل قال إنّه زنى،وفي حديث آخر نجد الرّسول يطوّع الحدّ وفق الواقع الّذي يتعامل معه،فقد بال أعرابيّ في المسجد،"فثار إليه النّاس ليقعوا به،فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعوه وأهريقوا على بوله ذَنوبا من ماء أو سجلا من ماء فإنّما بُعثتم ميسّرين ولم تُبعثوا معسّرين".إنّ محمّدا علم أنّ هذا الرّجل لم يسلك مثل هذا السّلوك بغرض الاعتداء على مقدّسات المسلمين ولعلّه كان مصابا بمرض بدنيّ أو عقليّ فلا داعي لعقابه ما أمكن تنظيف
المكان، وفي حديث آخر جاء رجل إلى الرّسول "فقال:هلكتُ،قال:ولم؟ قال وقعت على أهلي في رمضان قال فأعتق رقبة قال ليس عندي قال فصم شهرين متتابعين قال لا أستطيع قال فأطعم ستّين مسكينا قال لا أجد فأُتي النّبي صلى الله عليه وسلّم بعرق فيه تمر فقال أين السّائل قال ها أنذا قال:تصدّق بهذا قال على أحوج منّا يا رسول الله فوالّذي بعثك بالحقّ ما بين لابَتَيْها أهل بيت أحوج منّا فضحك النبي صلّى الله عليه وسلم حتّى بدت أنيابه قال فأنتم إذًا".ولنا أن نقارن في هذا الحديث بين انزعاج الرّجل وهدوء الرّسول ولنا أن نلاحظ تسامح الرّسول الواضحَ،ففي آخر الأمر وقع الرّجل على امرأته في رمضان وتحصّل على غذاء من الرّسول.إنّ محمّدا كان ينظر في خلفيّة القانون وعلاقته بمفهومإلحاق الضّرر بالآخر أي إنّه كان يعطي للقانون معناه،ولم يكن يتسرّع إلى العقاب وتطبيق الحدود باعتبارهما غاية وهدفا.فهو إذن يعلي من شأن القانون الدّاخلي الّذي يجعل الإنسان "السّويّ" في غنى عن إلحاق الضّرر بالآخرين ويقلّل من أهمّية القانون الخارجي الرّدعيّ الّذي لا يفعل شيئا سوى قمع الذّات التي تظلّ حكايتها فرديّة لا يحيط بها أيّ قانون.وهذا التّصوّر من شأنه أن يسمح لعدد كبير من النّاس بأن يتجاوزوا الإحساس بالذّنب المرضيَّ،فلو ضربنا مَثَل اللوطيّ في بلداننا العربية الإسلاميّة اليوم لوجدنا تعامل الأفراد والمؤسّسات معه منافيا لسلوك الرّسول الّذي أسلفنا.فهل يكفي أن تقرع أسماع اللوطي بمواعظ ونصائح أو أن تدعوه إلى تغيير سلوكه الجنسيّ مؤكّدا له أنّه "
شاذّ" وهل يكفي أن ترهّبه بشتّى أنواع العقاب المحتملة في الدّنيا والآخرة حتّى يتحوّل إلى إنسان "طبيعيّ"؟ إنّ الإجابة بنعم تضمر أنّ الإنسان يختار عن وعي أن يكون لوطيّا أي إنّه يختار أن يعيش منبوذا في حين أنّ التحاليل النّفسية بل الجلسات الحميمة تثبت أنّ هؤلاء يودّون الاندماج في المجتمع ولا يستطيعون لأنّ سلوكهم الجنسيّ شأنه في ذلك شأن سائر أنماط السّلوك ليس اختيارا عقليّا منطقيّا كما أراد أن يوهمنا الفكر الوضعيّ.وكم فرد منّا ودّ لو غيّر
بعضا من طباعه انطلاقا من اختيار واع وقرار نهائيّ فإذا بالطّبع لا يتغيّر وإن اتّخذ أشكالا أخرى.إنّ القانون لخارجيّ –سواء أتجسّم في المؤسّسة أم في سلوك الأفراد-لا يؤثّر في الواقع بل يعمّق الإحساس بالذّنب وهو إحساس لا يتلاءم مع روح الإسلام ذلك أنّ الإسلام دين منفتح نحو المستقبل وهذا ما يؤكّده مفهوم التّوبة،فهي ليست فعلا مؤجّلا بل ممارسة يوميّة تمكّن المرء من تصوّر ديناميّ للوجود لا يقف على أطلال الماضي بقدر ما يتطلّع إلى المستقبل في
تفاؤل وحبور منطلقهما الاعتقاد في رحمة الله.أفلم يُغفر لبغيّ من بني إسرائيل لأنّها سقت كلبا كاد يقتله العطش.

نسبيّة القانون:

إنّ القوانين وإن تكن إلهية تظلّ متحوّلة،فالخمر حلال عند المسيحيّين بل هي مقدّسة وهي حرام عند جمهور المفسّرين لمسلمين.وتعدّد الزّوجات مباح في الإسلام في حين أنّه محرّم عند المسيحيّين،وليس هذان سوى مثالين على اختلاف لقوانين الإلهيّة بين دين ودين وهو ما قد يؤكّد أنّ القوانين نسبيّة ما عدا قانون تحريم إتيان المحارم* الّذي يخرج عن كلّ نسبيّة ليكون مطلقا عبر الزّمان والمكان.وحتّى إن افترضنا أنّ اختلاف القوانين هذا مردّه تحريف النّصارى واليهود كلام الله فإنّنا نجد في القرآن نفسه شاهدا على نسبيّة القوانين وتحوّلها،فالله عزّ وجلّ يقول:"فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ

هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا" (النّساء4/160).ويؤكّد الرّازي أنّ الله قد

بدّل الطّيّب الحلال خبيثا محرّما بغرض التّشديد على اليهود وعقابهم عمّا اقترفوه من ذنوب اختلف في تحديدها

المفسّرون.أفلا يجوز أن يكون تحريم الخمر في القرآن بعد السّكوت عنها ناتجا عن ظلم بعض المسلمين الأوائل أنفسهم عند شرب الخمر واعتداء بعضهم على بعضهم الآخر وهم فاقدون لحدود العقل؟.وحينئذ ألا يجوز أن يكون ظلم الإنسان لنفسه منشئا لحدود القانون؟ وألا يجوز أن يكون تقرير الرّسول أنّ المسلم من سلم النّاس من يده ولسانه

تقريرا للفطرة البشريّة السّليمة الّتي يُعدّ كلّ من تجاوزها معتديا في حين أنّ "الله لا يحبّ المعتدين"؟وألم يحن

الأوان ليعي المسلمون الّذين اتّفقوا على منع الرقّ ولم يمنعه الله بنصّ صريح أنّ القانون نسبيّ تاريخيّ ما لم يقم على

اعتداء الإنسان على الإنسان؟

التّشديد على الشّاهد على فعل الزّنى:

ما الّذي يحمل مرءا فطن إلى علاقة جنسيّة بين شخصين أو بين مجموعة من الأشخاص إلى إبلاغ المسؤول عن

القانون (ويمثّله الرّسول في خبرنا المنقول)؟ قد يتّصل السّبب بالمنقول إليه (وهو هنا الرّسول) أو بالموضوع

المنقول (وهو هنا حصول فعل الزّنى).

فوفق الافتراض الأوّل قد يدعو الشّاهد الرّسول إلى تطبيق الحدّ إمّا تزلّفا له أو اختبارا له.وفي حالتي التّزلّف

والاختبار يبدو النّاقل كاذبا إذ ليس همّه القانون في الحالتين بل المسؤول عن تنفيذ بعض بنوده ومعلوم أنّ القانون يسبق

المنفّذ الّذي قد يختلف من نظام حكم إلى نظام حكم آخر.ولمّا كان القانون أصلا دون منفّذه أمكن أن نفهم تجاهل

الرسول لمن اعتبر الفرع العرضيّ دون الأصل الجوهريّ.

ووفق الافتراض الثّاني أي تغليب الموضوع المنقول لا يمكن أن تكون الشّهادة على الزّنى إلاّ ممّن حرّك مشهد الزّانيين

شيئا مّا عميقا في نفسه قد نعدّه غيرة على القانون وسعيا إلى تطبيق الحدّ الشّرعيّ.فهل نتصوّر ناقل مشهد الزّنى إلى

الرّسول صلى الله عليه وسلّم أشدّ حرصا من هذا الأخير على تطبيق الحدّ؟ وهل يعني هذا أنّ الرّسول مقصّر دون

الشّاهد الغيور؟

يمكن أن نتجاوز هذا التّساؤل إذا استندنا إلى التّحليل النّفسيّ* الّذي يبيّن أنّ في موقف النّاقل تعبيرا عن حرج مّا

أحسّ به لا يخلو أن يكون غيرة لاواعية من الزّانيين أو خوفا لاواعيا من أن يزني بعض من يعدّ نفسه مسؤولا عنهم

أي خوفا من أن يهدّد خطر الزّنى أفراد عائلته ولا سيّما الإناث منهم.فكأنّ القانون من خلال هذين الموقفين يمنع شيئا

مرغوبا بالفطرة ممّا يفسّر دافع الغيرة وكأنّ القانون يسعى إلى حماية النّاس من هذا المرغوب بالفطرة وهذا ما يفسّر

دافع الخوف أي كأنّ القانون مقابل للفطرة البشريّة يلجمها ويكبح جماحها.

رؤى المسيحيّة تحكم المسلمين:الحرج من الجنس:

يبدو أنّ تصوّر القانون باعتباره لاجما للفطرة البشريّة يتنافى مع إقرار الله تعالى بأنّه يحلّ لنا الطيّبات ويحرّم علينا

الخبائث،فقد أسلفنا أنّ الرّسول ينظر في القانون نظرة عميقة تراعي روحه.ونحن نرى في مساءلة روح القانون

تحذيرا للمسلمين من أن يحرّموا على أنفسهم طيّبات أحلّت لهم ،يقول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ

مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ" (المائدة5/87).وقد سُبقت هذه الآية بقول الله

تعالى:"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا

نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ منْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وًأًنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ"(المائدة 5/82).وقد ربط الرّازي بين الآيتين معتبرا

أنّ المسلمين مختلفون عن الرّهبان النّصارى. ونحن نرجّح هذا الرّبط ونرى في موقف الرّسول تحذيرا للمسلمين من

أن يقتفوا خطى الفكر الكنسيّ الّذي يقوم على اعتبار الجنس خطيئة الإنسان الأصليّة حتّى يغدو ما يعتبرونه عفّة

(chasteté) أي امتناعا عن أيّ ضرب من ضروب العلاقات الجنسيّة من شروط الانتماء إلى الكنيسة.

وهو تصوّر أعاد النّظر فيه بعض المفكّرين الغربيّين من صلب الكنيسة نفسها.على أنّنا نرى في قراءة بعض المحدثين

لسيرة الرّسول اندراجا -واعيا كان أو غير واع- في هذا الفكر المسيحيّ المتشدّد.فنجد بعض المستشرقين

يعتبرون أنّ خبر زواج الرّسول من زينب بنت جحش عمل لا يلائم مقام النّبوّة فكيف يُعجب الرّسول بجمال امرأة لا

سيّما أنّها زوجة زيد بن الحارثة ابنه بالتّبنّي؟ وآراء هؤلاء "المستشرقين" حملت كتّابا محدثين لينبروا عن الدّفاع

عن الرّسول من "مفتريات المستشرقين".وهم لا يعون أنّهم بدفاعهم ذاك إنّما يقيّمون سلوك الرّسول تقييما سلبيّا ذلك

أنّ المرء لا يدافع عن السلوك الإيجابيّ بل إنّ بعضهم ينفي "كلّ تلك الخيالات والأقاصيص" التي تفيد إعجاب محمّد

بزينب في حين أنّنا نجد في سيرة ابن إسحاق الخبر التّالي:"مرض زيد بن حارثة فدخل عليه رسول الله صلّى الله

عليه وسلّم يعوده وزينب ابنة جحش امرأته جالسة عند رأس زيد،فقامت زينب لبعض شأنها فنظر إليها رسول الله صلّى

الله عليه وسلّم ثمّ طأطأ رأسه فقال:سبحان الله مقلّب القلوب والأبصار،فقال زيد:أطلّقها لك يا رسول الله فقال:

لا،فأنزل الله عزّ وجلّ:" وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ" إلى قوله "وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً"".

ونجد في تفسير الطّبري خبرا مشابها:"حدّثني يونس قال:أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان النبيّ قد

زوّج زيد بن حارثة زينب بنت جحش ابنة عمّه فخرج رسول الله يوما يريده وعلى الباب ستر من شعر،فرفعت الرّيح

السّتر فانكشف،وهي في حجرتها حاسرة،فوقع إعجابها في قلب النّبيّ فلمّا وقع ذلك كُرّهت إلى الآخر،فجاء فقال:يا

رسول الله إنّي أريد أن أفارق صاحبتي،قال:مالك أرابك منها شيء؟ قال:لا والله ما رابني منها شيء يا رسول الله

ولا رأيت إلاّ خيرا،فقال له رسول الله:أمسك عليك زوجك واتّق الله،فذلك قول الله تعالى: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ

عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ…"(الأحزاب33/37) تخفي في

نفسك إن فارقها تزوّجتها".

إنّ الطّبري المعروف بجمعه لكلّ الأخبار لم ير داعيا لتنزيه الرّسول من وقوع نظره على زينب وإعجابه بها لما في

ذلك الإعجاب من تلاؤم مع الفطرة البشريّة فليس الرّسول سوى بشر مثلنا يوحى إليه،وليس في اشتهائه امرأة ما يُحرج

ولا ما يعيب إلاّ إذا كان النّاقد أو المبرّر متأثرا بالفكر الكنسيّ يعتبر الجسد موطنا لشهوات شيطانيّة ويتحرّج من

الفطرة الجنسيّة في ذاتها أي بصرف النّظر عن القانون الأصليّ،قانونِ تحريم المحارم* وفرعه اختلاط الأنساب.إنّ

التّصوّر الكنسيّ خطر على الإسلام أدّى إلى الإفراط في تقنين العلاقات الجنسيّة وإلى إطلاق الأحكام "الأخلاقيّة"

جزافا على كلّ من يصرّح برغباته الجنسيّة بل إنّنا ابتعدنا عن التّصوّرات الإسلاميّة فصرنا ندعو إلى الوحدانيّة في

العلاقات الجنسيّة في حين أنّ سلوك جلّنا ينقض هذه الدّعوة،وصرنا نعتبر المزواج إنسانا شاذّا ذا سلوك فاسد، وصرنا

نحكم على من يتزوّج ممّن يصغره سنّا -رجلا كان أو امرأة- في حين أنّ جلّنا يقبل بإقامة علاقة جنسيّة مع ذلك

الأصغر،وننسى أنّ خديجة بنت خويلد تزوّجت محمّدا الّذي يصغرها وننسى أنّ الرّسول لم يغضب من المرأة الّتي

أرادت أن تطلّق زوجها لأنّ معه "مثل هدبة الثّوب" بل إنّه صلى الله عليه وسلّم اكتفى بالضّحك سامحا لها بالرّجوع

إلى زوجها بعد البناء بالزّوج الثّاني،وإنّنا ننسى أنّ الرّسول سمح لامرأة بأن تخلع نفسها من زوجها بعد أن تردّ له

حديقته وليس سبب الطّلاق ممّا يقرّه المجتمع اليوم إذ أنّ المرأة المذكورة لا تعتب على زوجها في دين ولا في خلق

ولكنّها لا تطيقه.

القانون الإله:الجنّة حقّ مكتسب:

إذا عدنا إلى الحديث النّبويّ منطلقِ هذا المقال،تبيّنّا أنّ الشّاهد على الزّنى يتصوّر أنّ الخضوع للقانون وتطبيقه ضامن

للفضيلة أي إنّه يتصوّر تطبيق القانون وحده كافيا لتحقيق رضا الله أو الدّخول إلى الجنّة.فالإنسان الّذي يطبّق القانون

ناج وذاك الّذي يخرج عن القانون غير ناج.ومن خلال هذا التصوّر يغدو القانون هو الإله ويتوهّم الإنسان أنّه

بتضحياته المتواصلة والتزامه المطلق قد حقّق بإرادته الصّورة* المثاليّة المخلّصة الّتي ينشدها.وهي صورة*

تحقّق الاطمئنان الوهميّ وتوهم الإنسان بأنّه هو الفاعل المقرّر فيتحوّل المرء إلى عبادة صورة* نفسه المثاليّة."إنّ

رفض الذّنب لا يُدخل في الإيمان بل إنّه كثيرا ما يعمّق الغرور" فينسى المرء أنّ القانون ليس مرآة وأنّ تطبيقه ليس

ضامنا للفضيلة كما ينسى أنّ الخلاص ليس في تطبيق القانون أو تأليهه ولكنّه في رحمة الله.والرّسول يؤكّد هذا

الموقف إذ يقول:"لن يُدخل أحدا عمله الجنّةَ،قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال لا ولا أنا إلاّ أن يتغمّدني الله بفضل

ورحمة".ولا أدلّ على أنّنا ندخل الجنّة برحمة الله من حديث آخر للرّسول "قال كان في بني إسرائيل رجل قتل

تسعة وتسعين إنسانا ثمّ خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال له هل من توبة قال لا فقتله فجعل يسأل فقال له رجل ائت

قرية كذا وكذا،فأدركه الموت فناء بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن

تقرّبي وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوُجد إلى هذه أقرب بشبر فغُفر له". إنّ هذا الرّجل

الّذي قتل مائة نفس وجد في رحمة الله التي وسعت كلّ شيء المغفرة،وليس من الصّدفة أن وُسمت الجنة في مجازمرسل بليغ ب"رحمة الله" ذلك أنّ رضا الله عنّا ليس حقّا نكتسبه بمحاولة الإعلاء من صورنا عبر مطابقة القانون المفترَض،ولكنّ رضا الله عنّا هبة منه ورحمة يشمل بها من يشاء من عباده.بل لعلّنا في هذا المستوى نرى رأي بعض المفسّرين إذ ينسبون بعض المشيئة إلى المؤمن،ذلك أنّ الله يغفر لمن طلب منه المغفرة صادقا متواضعا يائسا من ذاته آملا في الله.ومن الأحاديث القدسيّة ما يؤكّد هذا الرّأي إذ يقول الله عزّ وجلّ:"أنا عند ظنّ عبدي بي"،ويؤكّد هذا لمعنى حديث قدسيّ آخر مفاده أنّ "رجلين ممّن دخل النّار اشتدّ صياحهما فقال الرّبّ عزّ وجلّ أخرجوهما،فلمّا أُخرجا قال لهما لأيّ شيء اشتدّ صياحكما؟ قالا فعلنا ذلك لترحمنا،قال:إنّ رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا بأنفسكما حيث كنتما
من النّار فينطلقان،فيلقي أحدهما نفسه،فيجعلها عليه بردا وسلاما،ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه،فيقول له الرّبّ عزّ وجلّ

ما منعك أن تُلقي نفسك كما ألقى صاحبك؟ فيقول:يا ربّ إنّي لأرجو أن لا تعيدني فيها بعدما أخرجتني،فيقول له

الربّ:لك رجاؤك،فيدخلان جميعا الجنّة برحمة الله".

الطّمع في موضع الله:

إنّ القانون الأصليّ بما يحقّقه من خصاء*(castration) رمزيّ ينقص من تضخّم الذّات ويؤكّد قدرتها

المحدودة،فالطّفل لا يمكن أن يُرضي أمّه رضا كاملا ولا يمكنه -مهما ترتفع منزلته عند الأمّ- أن يحلّ محلّ الأب،ولا

بدّ له أن يتنازل عن نشدان الكلّ لتتحقّق ذاته في موضع جزئيّ مخصوص.إنّ القانون يستفزّ الإنسان في أعمق أعماقه

حتّى يتنحّى عن الطّمع في الكلّ فيكتشف أنّه ليس سوى واحد من آخرين ويتبيّن أنّه مختلف عن أخيه من جهة وأنّه غير

مؤهّل للحكم عليه من جهة أخرى.

وإذا كان خلاص الإنسان متّصلا برحمة الله ثبت لنا أنّ أيّ حكم قطعيّ على الذّات أو على الآخر(وهما شيء واحد)

في علاقتهما بالقانون هو طمع من الإنسان في موضع الله عزّ وجلّ الّذي لا حاكم سواه.وأحد أحاديث الرّسول القدسيّة

يثبت هذا الموقف إذ قال صلى الله عليه وسلّم:"كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين،فكان أحدهما يذنب،والآخر

مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذّنب فيقول له:أقصر،فقال:خلّني وربّي،أبُعثت عليّ رقيبا؟

فقال:والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الجنّة فقبض أرواحهما،فاجتمعا عند ربّ العالمين،فقال لهذا المجتهد:أكنت

عالما بي أو كنت على ما في يدي قادرا؟وقال للمذنب:اذهب إلى الجنّة برحمتي،وقال للآخر:اذهبوا به إلى النّار".

إنّ هذا الحديث القدسيّ يثبت خطر خروج القانون من وظيفته التوسّطيّة( médiatrice) ليتحوّل هدفا في

ذاته بل سلاحا مخيفا في يد كلّ من يدّعي-واعيا أو غير واع- أنّه ظلّ الله في الأرض.ولذلك قال الرّسول صلّى

الله عليه وسلّم:"من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتْله".ولا شكّ أنّ التّواضع الجوهريّ والامتناع عن الحكم على الآخر

يقلق الأنا* الطّامعَ في القدرة والسّيطرة والعاجزَ عن الإقرار بوهم القدرة ذاك.ومن مظاهر هذا القلق ما جرى بين

أبي ذرّ والرّسول من حوار.فقد قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:ما من عبد قال لا إله إلاّ الله ثمّ مات على ذلك إلاّ

دخل الجنّة،قال أبو ذرّ:وإن زنى وإن سرق؟ قال الرّسول:وإن زنى وإن سرق،قال أبو ذرّ:وإن زنى وإن سرق؟

قال الرّسول:وإن زنى وإن سرق،قال أبو ذرّ:وإن زنى وإن سرق؟ قال الرّسول:وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذرّ.إنّ موقفي الرّسول وأبي ذرّ من القانون مختلفان،الأوّل يرى القانون وسيلة نسبيّة لتنظيم العلاقات الاجتماعيّةوالثّاني يرى القانون مقياسا لتقييم الذّات البشريّة.الأوّل يكتشف بواسطة القانون أنّه مختلف عن الآخر والثّاني يحكم على الآخر لأنّه مختلف عنه

groupe de olfa youssef sur facebook

............(`'·.¸ (`'·.¸*¤* ¸.·'´) ¸.·'´)..............
..............♥*** Welcome ALL***♥................
.............(¸.·'´ (¸.·'´*¤* `'·.¸) `'·.¸).............

Visitez le groupe de olfa youssef sur facebook click here
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=22881037095
-----------------------------------
Invite People to Join


............(0 0)
.---oOO-- (_)-----.
╔═════════════════╗
║ INVITE ALL YOUR FRIENDS ║
╚═════════════════╝
'---------------oOO
........|__|__|
.......... || ||
....... ooO Ooo
-----------------------------------
-----------

الكتب´

)
(¸.•´ (¸.• .•´ ¸¸.•¨¯`•.
¸.•´¸.•*¨) ¸.•*¨)
(¸.•´ (¸.•´ .•´ ¸¸.•¨¯`•.
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞

__/''__¸.¸.•نساء وذاكرة (بالاشتراك، تونس 1992):هذا الكتاب يعتمد منهج التّاريخ الشّفوي ويشتمل على شهادات نساء تونسيّات شهيرات في مجالات متعدّدة مطلع القرن العشرين,**

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
¤**¤•^.,.•¤**¤•^.,.•¤**¤•.
,.•¤**¤•^بحوث في خطاب السّدّ المسرحيّ(بالاشتراك، تونس 1994):يدرس هذا الكتاب واحدا من أشهر كتابات محمود المسعدي، مسرحيّة "السّدّ"، وذلك من منظور دلالي وسيميائيّ.•^.,**

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
¸.•¤**¤•^.,.•¤**¤•^.,.•¤**
¤•.,.•¤
المساجلة بين فقه اللغة واللسانيّات (تونس 1997): يهتمّ هذا الكتاب بتقبّل اللغويّين العرب المعاصرين لعلم اللسانيّات.**¤•^.,**

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞

__/''__¸.¸.•¤**¤•^.,.•¤**¤
•^.,.•¤**¤•.,.•¤الإخبار عن المرأة في القرآن والسّنّة (سحر للنّشر، تونس 1997): يعتمد هذا الكتاب نظريّة الإخبار مقارنا بين المرأة في الجاهليّة والمرأة في الإسلام. ويستند إلى علم الاجتماع وفلسفة الأديان.^.,**

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞

__/''__¸.¸.•¤**¤•^.,.•¤**¤
•^.,.•¤**¤•.,.•¤**¤•^
+ تعدّد المعنى في القرآن (سحر للنّشر، تونس 2003): هذا الكتاب هو في الأصل دكتورا دولة، وينشد تقديم جميع ضروب تعدّد المعنى في القرآن من خلال المفسّرين. وينتهي البحث إلى الإقرار بوجود معنى أصليّ للقرآن هو القرآن في اللوح المحفوظ، وهذا المعنى ممتنع لا يعلم تأويله إلاّ الله. وما التفاسير كلّها إلاّ أثر على المعنى الأصليّ.^
.,**

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞
ناقصات عقل ودين(سحر للنّشر، تونس 2003): مقاربة نفسيّة لبعض أحاديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم


۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞

.
+ Le Coran au risque de la psychanalyse, Albin-Michel, Paris 2007
هذا الكتاب مقاربة نفسيّة روحانيّة للقرآن تنشد تجاوز تعدّد المعاني والطّقوس الشّكليّة وتسعى إلى تفاعل جوهريّ مع النّصّ الدّينيّ.

۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞

__/''__حيرة مسلمة: في الميراث والزّواج والجنسيّة المثليّة (سحر للنّشر، تونس 2008)
هذا الكتاب قراءة لموقف المفسّرين من مسائل الميراث والزّواج والجنسيّة المثليّة وبيان للفرق الشّاسع بين انغلاق المفسّرين من جهة وانفتاح النصّ القرآنيّ من جهة أخرى
.
۞۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۩۞۩۞۩۩۞۩۩۞
۩۩۞۩۩۞۩۞

le reste n’est que convention sociale variable selon les contextes.

Pour l’Islam la piété (attaqwa) est le meilleur habit
… le reste n’est que convention sociale variable selon les contextes.

Rares sont les thèmes coraniques qui ont fait couler plus d’encre ou soulevé plus de polémiques que la question du voile.
Sans doute est-ce dû à sa portée sémiotique évidente, au fait qu’il exprime l’appartenance à un groupe idéologique ou social déterminé, ou encore à ce qu’il dit de la femme et de son émancipation, enjeu intellectuel ou politique chez bon nombre de penseurs autant musulmans que non musulmans. Le voile est, entre musulmans, le sujet controversé par excellence. Pourtant, il est loin d’être un souci central dans le Coran, puisque seuls trois versets l’évoquent. L’un d’eux ne concerne que les épouses du Prophète : «… Si vous avez quelque demande à faire à ses femmes, faites-la derrière un voile…» (sourate 33-verset 53), le second s’adresse aux épouses du Prophète et élargit l’ordre pour y intégrer les croyantes : «OProphète, prescris à tes épouses, à tes filles et aux femmes des croyants de ramener sur elles leur jilbab (tunique), c’est pour elles le meilleur moyen de se faire reconnaître et de ne pas être offensées…» (sourate 33, verset 59), cependant ce verset ne prescrit pas une manière précise de se vêtir, et s’il ordonne de se couvrir de leur jilbab, c’est pour se prémunir des agressions courantes, de la part des mécréants à l’égard des femmes qui sortaient — seules, semble-t-il — le soir. C’est en tout cas à la suite d’un tel incident que, selon Tabari, ce verset fut révélé. D’autres exégètes précisent que ce verset ne s’adresse qu’aux femmes de condition libre afin qu’elles se distinguent par leurs vêtements des femmes esclaves. Les historiens rapportent que Umar Ibn Alkhattab ordonnait de fouetter toute esclave qui osait porter le jilbab exclusivement réservé aux femmes de condition libre. Un autre khabar attribué à Abu Hurayra dit que le Prophète Mohamed a résidé entre Khaybar et Médine trois jours afin de fêter et consommer son mariage avec Saffiyya Bin Yuyay. Abu Hurayra aurait invité les musulmans pour assister à la fête. Ces derniers s’étaient demandés s’il fallait considérer Saffiyya comme une épouse du Prophète et donc l’une des mères des croyants ou si elle était juste une esclave parmi les captives de guerre (milk yamin), certains ont répondu : si elle porte un hijab, elle est mère des croyants et si elle n’en porte pas, elle n’est que milk yamin. Selon tous ces akhbars, se couvrir d’un jilbab aurait une fonction sémiotique distinctive. Et Zamakhchari d’expliciter que cette situation était due au fait que les hommes harcelaient les femmes esclaves qui sortaient la nuit. Ce harcèlement apparemment admis par la société ne devait par contre pas toucher les femmes libres; ainsi pour éviter toute confusion et éviter le harcèlement par mégarde des femmes libres en les prenant pour des esclaves, le Coran aurait ordonné aux musulmanes de condition libre de se vêtir autrement que les esclaves. Dès lors, le port du voile est étroitement dépendant des conditions historiques et sociales, si l’on se base sur ce seul verset. C’est pourquoi on considère que c’est un autre verset qui prescrit effectivement le port du voile pour toute musulmane : «Commande aux femmes qui croient de baisser leurs yeux et d’être chastes, de ne découvrir de leurs ornements que ce qui est en évidence, de couvrir leurs seins de voile, de ne faire voir leurs ornements qu’à leurs maris…» (sourate 24, verset 31). Les nombreux vocables de sens indéterminé que contient ce verset ouvrent à de multiples interprétations. Dans notre verset, deux termes sont concernés par le flou sémantique : «ornements» (zina) et «en évidence» (ma dhahara). Certains exégètes limitent l’ornement aux accessoires que la femme utilise pour mettre sa beauté en valeur, tels que les bijoux, le maquillage ou les vêtements ; d’autres exégètes par contre élargissent le sens de l’ornement pour qu’il inclue les attributs physiques de la femme — on pourrait alors traduire zina par «atours». Même cette définition ne précise pas clairement ce qui est ou n’est pas zina, et s’il est permis ou non de laisser «en évidence» pieds, mains, cheveux, yeux… Suivant les lieux et les époques, ce qu’il convient à une femme de cacher varie considérablement : que l’on songe qu’il y a à peine un siècle une femme qui laissait entrevoir une cheville était considérée comme particulièrement entreprenante. Cette ambiguïté qui ressort du caractère subjectif et normatif des termes employés est encore plus vraie pour ce qui est de l’expression «en évidence» : puisque le verset prescrit de couvrir certains «ornements» et d’en laisser d’autres découverts, ceux qui justement sont «en évidence», cela signifie que «en évidence» n’est pas synonyme, comme on aurait pu le penser, de «visible»: sinon le verset prescrirait de couvrir ce qui est à couvrir et de laisser découvert ce qui est à laisser visible, et ne nous apprendrait rien du tout. Déjà Tabari, au deuxième siècle de l’hégire, insistait sur cette pluralité de références dans notre verset. On comprend alors aisément que les interprétations des ornements évidents et donc des ornements à découvrir aient été si différentes selon les exégètes et selon les époques. Le visage, les pieds, les mains, les cheveux, les bijoux et autres ont été tour à tour considérés comme ornements découvrables pour certains, et comme ornements nécessairement couverts pour d’autres.
Quant au hadith supposé prescrire le voile, il est, de l’aveu des juristes musulmans mêmes, un hadith contestable. En sus, loin d’être une prescription linguistique, il ne fait que rapporter une mimique dont les référents sont invérifiables.
Autant le Coran que le Hadith ont choisi d’adopter l’équivoque concernant l’habit de la femme. Pour l’Islam, la piété (attaqwa) est le meilleur habit, le reste n’est que convention sociale variable selon les contextes. Ce n’est que des siècles plus tard qu’est apparue la tenue prétendue «islamique», symbole d’une appartenance idéologique qui cache ses desseins politiques en violant la parole de Dieu, en s’opposant à la volonté divine et en s’arrogeant le droit de détenir le sens vrai du texte coranique, alors que ce même Coran dit : «… Dieu seul en connaît l’interprétation et les hommes enracinés dans la science diront : Nous croyons au Livre, tout ce qu’il renferme vient de notre Seigneur. Les hommes sensés réfléchissent» (verset 7, sourate 3).
O.Y.
(Universitaire, écrivain)

A propos d’un article de Dalenda Larguêche et Raja Ben Slama Tape-à-l’œil et mystification

Pour prouver que mon chemin est le bon, je n’ai nul besoin de dénigrer celui de l’autre.


<<>> ne m’appartient plus. L’écrivain ne devient-il pas écrivain à l’instant même où il renonce à son livre ? Ce renoncement qui est l’essence de toute action humaine semble avoir tellement révolté certains lecteurs de mon ouvrage , que j’ai décidé d’en parler longuement plus tard et en temps utile.
Désormais le livre appartient au lecteur qui n’y retrouvera que l’écho de ses angoisses ou de ses aspirations les plus enfouies. Partant de là, je m’étais promise de ne point donner suite à quelconque critique de l’ouvrage ; et si je suis en passe de faillir à ma promesse, c’est non point pour dire une vérité en laquelle je crois ; mais c’est bien pour essayer de prémunir le lecteur contre toute tentative de manipulation .L’article de Larguéche et Ben Slama étant en l’occurrence une tentative subjective de manipulation qui ne saurait échapper à tout lecteur avisé et objectif.
Dans cet article , je passerai outre à tous les jugements idéologiques dont m’ont accablée mes interlocutrices ; je passerai outre à tous ces jugements vides à l’évidence de tout sens référentiel tangible , car à mon avis ils ne font qu’exprimer pleinement le psyché de celles qui les profèrent. L’emploi de termes tel que <<>> ou <> ne sont pas sans me rappeler certains débats politiques où les accusations fusent de partout et où les névroses les plus profondes se croisent .De tels jugements sont indignes d’Universitaires qui aspirent à une lecture scientifique.
Je passerai donc outre les jugements idéologiques , car le sens profond de mon ouvrage est un appel à la suspension de jugement ;condition nécessaire pour quiconque tente de comprendre et d’analyser. J’ai explicité en mon ouvrage que nul n’a le droit de juger l’autre , et que la loi n’a jamais été un but en soi, mais qu’elle est uniquement médiatrice entre les hommes.
( j’espère que vous me pardonnerez l’emploi du terme homme pour dire être humain, il s’agit d’un vieil usage qui ne comporte aucune appréciation de valeur).Dans ce livre que vous taxez de réactionnaire , j’ai insisté sur le fait


que le sens premier d’un texte même sacré ou sacralisé est perdu à jamais, et que l’on ne peut être qu’à l’affût de sa trace . La résultante étant qu’aucune interprétation du texte coranique ne représente l’intention divine ; elle ne fait tout au plus que représenter les conceptions de l’interprète.
Je suis même allée plus loin en réfutant toutes les considérations d’ordre moral afin de démontrer que la loi ne peut être lue que dans son esprit. Du reste plusieurs traditions du prophète le prouvent (pp-47-53). Ce livre est donc un essai sur l’éthique et non sur la morale tel que l’affirment Largéche et Ben Slama.. Il ne pose pas le Bien en face du Mal, mais le Bonheur en face du Malheur et le Plaisir en face du Déplaisir.
A travers cette distinction entre éthique et morale, j’ai affirmé à la suite d’éminents psychanalystes que la seule vérité est vérité du désir , laquelle vérité est par essence inaccessible. Mais les choses étant ce qu’elles sont , devrais-je donc m’excuser de ces propos proférés avant qu’il ne s’avère que certains lecteurs avaient un accès privilégié à la vérité scientifique, et qu’ils s’étaient donné pour mission une défense contre les amalgames et les mystifications. Cette prétention voire même cette arrogance est sidérante , d’autant plus qu’elle cache comme toute prétention des ignorances flagrantes sinon une mauvaise foi délibérée.
Le Duo Larguéche-Ben Slama me fait dire ce que je ne dis point;
par exemple : si j’use du savoir psychanalytique pour interpréter des versets coraniques , elles prétendent que j’affirme que les dires de Dieu et de Lacan sont tout simplement interchangeables.. Confondant ainsi entre le texte et la lecture du texte, entre l’objet et le regard que l’on porte sur l’objet. Et si une faible assise philosophique peut expliquer cette confusion, je n’ai trouvé aucune explication à la totale déformation de mes dires. En effet je n’ai jamais prétendu que la désobéissance aux parents faisait partie du “shirk” , j’ai même affirmé le contraire : à savoir que l’idolâtrie des parents au même titre que certaines amours désordonnées et surtout l’idolâtrie de sa propre image font partie du “shirk” (p-66). Les parents ne sont pas l’origine de la vie mais la figure de son commencement , et c’est pourquoi le prophète et non Olfa Youssef intégre le « uquq » (qui n’est pas la désobéissance ) dans le “shirk” , à moins que Ben Slama –Larguéche ne croient elles que mes dires et ceux du prophète sont interchangeables.
Mes contradictrices m’ont même incitée à relire mon ouvrage pour y rechercher une prétendue apologie de la société islamique et une prétendue confirmation de <>, mais peine perdue je n’y ai retrouvé qu’une critique virulente de tous ceux qui réduisent la foi religieuse à ce qu’elle n’est pas : à savoir une pratique rituelle mécanique vidée de tout sens (p-39).


Il est vrai que je n’ai pas condamné le voile, et pourquoi le ferai-je moi qui ne cherche nullement à juger, mais à analyser . il est vrai que cette position peut être inconcevable pour celles qui, encore aliénées au joug idéologique jouent aux inquisiteurs féroces sous le masque de défenseurs des droits de l’Homme.
Mais le clou de l’article de Ben Slama et Larguéche est d’ordre méthodologique. Ces dames affirment que la réconciliation entre la psychanalyse et la religion n’est que <<>>, elles affirment :<<>> .A la lecture de cette phrase je me suis dit que jamais usage d’un pronom impersonnel n’aura été plus judicieux ; car il cache si bien le <<>>. Il n’y a aucun mal à ne pas savoir , j’insiste dans mon ouvrage sur la relativité savoir et sur l’illusion d’une connaissance rationnelle érigée en idole (p-70-72). Il n’est nullement honteux de ne pas savoir , mais il est dramatique de jeter le discrédit sur les autres, alors qu’il aurait suffi d’une bonne bibliographie pour éviter ce discrédit gratuit et inutile.
Et puisque j’ai insisté sur le fait que le sens profond de notre vie est le don (pp-17-18), je me permets de vous proposer certains titres qui expliquent le dialogue , voire même la réconciliation possible entre psychanalyse et religion - Dolto Françoise : Les Evangiles et la foi au risque de la psychanalyse ou La vie du désir, Paris, Gallimard 1996 –Drewerman Eugen :Fonctionnaires de Dieu, Paris, Albin Michel 1993- Romanens Marie : Le divan et le prie-Dieu, psychanalyse et religion- Descléé de Brouwer 2000-Sibony Daniel :Psychanalyse et Judaïsme, Questions de transmission, Paris, Flammarion 2001- Vasse Denis :l’Antre du désir et le Dieu de la foi, Lire aujourd’hui Thérèse d’Avila , Paris, Seuil 1991….
Ce ne sont là que quelques livres d’initiation , et si Larguéche et Ben Slama ont la patience de les lire , elles découvriront que le psychologique peut croiser le spirituel et que l’individu est en mesure, à travers le savoir psychanalytique critique de rencontrer une foi basée sur des questions sans cesse renouvelées et sur un accès non balisé aux chemins des profondeurs.
Lorsque ces consœurs accepteront de se déloger de leur moi solide, ancré dans les polémiques sociales et les illusions délirantes , elles pourraient comprendre que les théologiens ne représentent pas la religion pas plus qu’elles même ne détiennent la vérité scientifique.
Et elles avoueront peut-être que la différence symbolique entre le féminin et le masculin est au centre de la théorie psychanalytique , du moins Freudienne et Lacanienne. Et peut-être avoueraient elles pas honnêteté scientifique que


l’image inconsciente de la mère n’est pas fabriquée par l’imaginaire d’Olfa Youssef aussi triste et angoissé qu’il soit. Olfa Youssef n’a instauré ni le concept clef de <<>> , ni inventé la distinction entre Autre du désir (mère) et Autre de la loi (père) et ce n’est pas elle qui a crée de toutes
pièces la complexité de la phase oedipienne chez la fille . En fait elle n’a fait qu’user de concepts psychanalytiques consacrés pour lire la tradition du
prophète.
Quant au concept d’interchangeabilité des rôles, il a ses limites car jusqu’à nouvel ordre c’est toujours la femme qui est mère de naissance , et c’est à travers elle que le fœtus puis le bébé est plongé dans le bain linguistique . Ce sont des psychanalystes lacaniens qui affirment :<<>>. C’est le symbolique , et non l’anthropologique qui nous fait êtres sexués et mortels.
Sexués et mortels, deux adjectifs qui angoissent certains lecteurs de mon ouvrage et qui leur fait refuser de dépasser la conception plate et superficielle de <<>> . Et si cette conception sexiste n’exprime que les phantasmes des Fukahas et leurs névroses , se rebiffer contre une nouvelle lecture de ce hadith n’exprime que la phobie des lecteurs et notamment des femmes. Plutôt que d’affronter ce hadith pourtant faisant partie intégrante de l’inconscient collectif, elles préfèrent le taire exactement comme tout névrosé refoule ses angoisses. Il est bien clair quand on prend la peine de lire l’article de Ben Slama et Larguéche que son moteur est une angoisse phobique , c’est la phobie des fondamentalistes intégristes, des <<>> et des <<>> Cette phobie qui frôle la paranoïa ne leur a pas permise d’écouter mon ouvrage , car écouter l’Autre en vérité n’est pas le réduire à ses propres attentes et projeter sur lui ses tourmentes les cachées.
Et c’est parce que vos phobies ont entravé un échange de parole entre nous que je vous dis tout haut ce que vous n’avez pu déceler par vous même : mon livre ne porte aucune atteinte aux droits des femmes , et si vous le relisez vous y trouverez l’assertion d’un manque à être , propre à tous . Ce manque qui est le lien entre les différents articles de mon ouvrage , marque aussi bien les hommes que les femmes. En effet, le féminin qui désigne l’individuel, le


désir et la foi manque de signes au collectif , à la loi et à la religion , et le masculin qui désigne le collectif , la loi et la religion manque de signes à l’individuel, au désir et à la foi. En chacun de nous individus si petits que nous sommes existe ce clivage qui fait que Dieu seul conjugue aussi bien l’unité que l’unicité.
Si être sexués marque le clivage de l’Homme , être mortels le renforce. Et c’est là votre seconde angoisse. En fait le renoncement est un chemin sans cesse parcouru par qui sait qu’il ne donne pas la vie et qu’il ne la reprend pas : c ’est le chemin de celui qui arrive à désespérer de soi et à espérer en Dieu comme le dit bien Denis Vasse. C’est le chemin de la paix où l’individu –homme ou femme- découvre qu’il se doit de penser , de créer, de faire et
d’agir ; mais que les conséquences de son « agir » ne dépendent pas de lui. C’est le chemin de l’amour où il n’y a aucune jalousie et où l’homme sait qu’il n’est que second dans ce monde et que la vraie volonté , celle du désir n’est pas la sienne mais celle de l’Autre.Le renoncement n’est pas désespoir , il est espoir libéré de l’illusion imaginaire de puissance , illusion bien ancrée par la civilisation matérialiste , qui en gavant l’homme de besoins pour la plupart inutiles, oblitère le chemin du désir et exacerbe le malheur des humain
Quant à moi, je ne désespère pas que vous puissiez écouter l’autre loin de vos préjugés et angoisses. J’userai à ces fins du seul pouvoir dont je dispose , celui de prier Dieu pour qu’un jour vous réalisiez qu’il y a une autre vérité que la pseudo-vérité scientifique et la pseudo-vérité intégriste. Cette vérité autre nous fonde en sujets désirants mais échappe à toute objectivation. Je prie Dieu pour qu’un jour vous sachiez vous aimer en vérité et peut-être , peut-être alors en retrouvant la quiétude comprendriez vous que pour prouver que votre chemin est le bon , il n’est nul besoin de dénigrer celui de l’Autre.

Olfa Youssef

مدى مساهمة البرامج التلفزيونيّة في تشكيل الهويّة الجنسيّة لدى الطّفل


فإذا نظرنا الآن في مضمون الصّورة في صنفي البرامج لوجدنا أنّ الصّنف الأوّل من البرامج (أي البرامج التّصريحيّة) قائمة في جلّ الأحيان على المسابقات الفكريّة أو البدنيّة.وهي مسابقات يشارك فيها الأطفال من الجنسين.فغالبا ما تكون الأسئلة موجّهة بلا تفرقة إلى الإناث أو الذّكور وغالبا ما يُطلب من كلا الجنسين ممارسة الأنشطة البدنيّة ذاتها.ولئن كان غياب التّمييز في مجال الألعاب البدنيّة قابلا لأن يُفسّر بتنزّل هذه الألعاب في مجال اللهو والمرح وهو مجال طفوليّ لا ترى الذّهنيّة الاجتماعية فيه بين الذّكور والإناث تمييزا في سنوات الطّفولة على الأقلّ،فإنّ لغياب التّمييز بين الذّكور والإناث في طبيعة الأسئلة المطروحة في المسابقات الفكريّة ما قد يفيد اشتراكا في تصوّر المعرفة مكتسبة أي في غير علاقة مع المعطى البيولوجيّ الأوّل.ولهذا الموقف صدى في الواقع العربيّ حيث نجد جلّ الدّول العربيّة اليوم ترى التّعليم حقّا مشتركا بين الذّكور والإناث وهو ما لم يكن عليه الحال في أوائل القرن الماضي مثلا.
على أنّ برامج الألعاب والمسابقات هذه قد تقوم في بعض الأحيان على تقسيم الفرق المتبارية إلى مجموعات من الأطفال الذّكور وأخرى من الأطفال الإناث.ومثل هذا التّقسيم ينشئ حماسا واضحا لدى المتسابقين يؤكّد فكرة أساسيّة سنعود إليها وهي أنّ الإحساس بالانتماء الجنسيّ أمر سابق لتأثير الصّورة.ولا أفضل من مفهوم المجموعة الرّياضيّ تجسيما لمعنى الانتماء الّذي يتجاوز بعد الاستقلال (أي إحساس الذّكر بانتمائه إلى الذّكور وإحساس الأنثى بانتمائها إلى الإناث) ليقوم بعدا جدليّا إذ لا يشعر الطّفل بانتمائه إلى مجموعة الذّكور إلاّ بإحساس محايث يعدم انتمائه إلى مجموعة الإناث والعكس بالعكس.
على أنّ ما تجسّمه البرامج "المباشرة" من تواز بين صورة الأطفال الذّكور وصورة الأطفال الإناث يغيب في جلّ البرامج الخياليّة أي في جلّ الحكايات سواء تجسّمت في إطار الصّور المتحرّكة أو في غيرها حيث نجد صورة طرازيّة للذّكر والأنثى قلّما تحيد عنها بعض البرامج. ولئن كان من النّادر أن نجد قنوات متخصّصة في برامج الأطفال الذّكور وأخرى في برامج الأطفال الإناث فإنّه من الشّائع أن نجد هذه القنوات تصرّح بأنّها تقسّم برامجها وفق فترات زمنيّة تتجه تداوليّا للذّكور وللإناث.والتّصريح بهذا التّقسيم أقلّ تأثيرا في لاوعي الطّفل من إضماره في الصّور الموازية (para-images) حيث نجد المشرفين على الإشهار يقدّمون ضربا من الومضات الإشهاريّة قبل وأثناء البرامج المتوجّهة افتراضا إلى الذّكور،ويقدّمون ضربا آخر من الومضات الإشهاريّة قبل وأثناء البرامج المتوجّهة افتراضا إلى الإناث.
فإذا نظرنا في هذه البرامج ذاتها وجدناها قائمة على صورة طرازيّة لكلّ من الذّكر والأنثى،ويمكن أن نصرّح منذ البدء بأنّها صورة تنشئ توازيا بين الذّكر والفعل(activité) يقابله تواز آخر بين الأنثى والانفعال(passivité).وعن هذه الثّنائيّة الأصليّة تتولّد سائر الثّنائيّات الأخرى.ويمكن أن نضرب بعض الأمثلة لهذه الثّنائيّة،من ذلك أنّ جلّ أبطال القصص التّخييليّة من الذّكور وتزيد هذه النّسبة إذا كان البطل متفوّقا في إحدى الرّياضات (كرة قدم أو سباق سيّارات...) أو مواجها ل"قوى الشّرّ".وإذا كانت البطلة الفاعلة في الصّراع أنثى فهي في كثير من الأحيان إمّا متشبّهة بالذّكور في ثيابها وهيئتها(أوسكار)،وفي هذه الحال قد تخفي هويّتها الجنسيّة عن المقرّبين منها(مولان) أو هي من البطلات الخارقات اللواتي يتميّزن بقوى فوق العادة تجعلهنّ أقرب إلى صورة السّاحرة الطّرازيّة الشّائعة في القرون الوسطى منها إلى البطلة الفاعلة.على أنّ تواتر البطولات الذّكوريّة في القصص التّخييليّة لا ينفي الحضور الأنثويّ وهو حضور تجسّمه غالبا إحدى الفتيات الّتي تربطها بالبطل علاقة عاطفيّة حميمة ويقتصر دورها على تشجيع البطل أو مساندته(كابتن ماجد مثلا).
أمّا إذا كانت البطولة أنثويّة فإنّنا نجد البطلة مفتقرة في أغلب الأحيان إلى حماية الذّكر المادّية والمعنويّة.فهو الّذي يصدّ عنها أذى المعتدين أو يردعها إذ تأتي أعمالا خرقاء(حمراء حمراء والذّئب مثلا)،أو إنّه يمثُل في أفق انتظارها كي يخرجها من حالة البؤس والفقر الّذي تقاسيه(سندرلاّ مثلا).وفي هذه الحال يكون سلاحها الأساسيّ جمالا فتّانا وسحرا طاغيا يجعلان البطل الذّكر الأمير يقع أسير هواها.
وعموما فإنّ الصّورة الّتي تقدّمها الفضائيّات للطّفل لا تخرج عن القوالب الاجتماعيّة الشّائعة الّتي تجعل الذّكر متميّزا بالقوّة والحنكة ورجاحة العقل وتجعل الأنثى متميّزة بالضّعف والافتقار إلى ذكر تفتنه بجمالها.ولا نودّ أن نحكم على هذه الصّور (إيجابيّا كان الحكم أو سلبا) ذلك أنّ الحكم المعياريّ السّريع يخرجنا من الموضع العلميّ التّحليليّ الّذي ننشده إلى موقع إيديولوجيّ لعلّ الدّراسات النّسويّة تمثّله أفضل تمثيل.ولكنّنا نودّ أن نبحث في سبل تأثير هذه الصّور في تصوّر كلّ جنس لذاته ولعلاقته مع الجنس الآخر لا سيّما أنّ المسألة تخصّ الطّفل أي شابّ المستقبل.
أوّل ما نلاحظه أنّ الصّور التّلفزيونيّة الّتي عرضنا ليست خاصّة بالبلاد العربيّة ولكنّها تتجاوزها إلى كلّ تلفزات العالم.وهذا أمر بديهيّ إذا علمنا ندرة الإنتاج التّلفزيونيّ العربيّ للطّفل العربيّ من جهة وانفتاح الطّفل على الفضائيّات جميعها في عصر هوت فيه كلّ حدود للصّورة.ولكن هل تعني نمطيّة صورة الجنسين كلّ واحد لنفسه وللآخر تماثلا في تقبّل هذه الصّورة في كلّ بلدان العالم؟
للإجابة عن هذا السّؤال علينا أن نميّز بين منظورين مختلفين لتفاعل المرء مع هويّته الجنسيّة.المنظور الأوّل هو المنظور النّفسيّ وقد أشرنا إلى بعض وجوهه.وأسلفنا أنّ شعور الطّفل بالانتماء الجنسيّ هو من المجال الرّمزيّ أي إنّه يسبق البعد الخياليّ.ولا شكّ أنّ هذا الشّعور يقوم في الأصل على تمييز بين الذّكوريّ والأنثويّ لغويّا ويتجسّم تمييزا بين الفعل والانفعال والجماعيّ والفرديّ والعقل والشّوق والحياة والموت.وهذا الانتماء الجنسيّ الرّمزيّ يتميّز بأنّه يتمّ في مستوى اللاوعي ،ويتميّز بأنّه تمييز وصفيّ أي إنّه يحدّد السّمات النّفسيّة اللاّواعية لكلّ جنس دون أن يفضّل أحد الجنسين على الآخر.وهذا التّمييز الّذي يسبق الصّورة يؤكّد أنّ الصّورة في هذا المستوى لا تنشئ الهويّة الجنسيّة وإنّما تقتصر على ترسيخها.
أمّا المنظور الثّاني فهو المنظور الاجتماعيّ،وهو ذاك الّذي يتجاوز الإحساس بالانتماء إلى جنس مّا إلى الحكم على ذلك الجنس وفق ذهنيّة المجتمع الّذي ينتمي إليه المشاهد واستنادا إلى منظومته القيميّة.وهنا نخرج من الصّورة اللاّواعية للجسد الّتي تعرض لها دولتو إلى الصّورة الواعية للجسد الاجتماعيّ وفق عبارة عالم الاجتماع الشّهير بيير بورديو(Pierre Bourdieu).ولئن كانت صورة الهويّة الجنسيّة من منظورها النّفسيّ المتجسّمة في مجال الوعي متميّزة بالثّبوت والاستقرار لاتّصالها بتسمية البيولوجيّ،فإنّ صورة الجسد الاجتماعيّ لا تعدو أن تكون صورة تاريخيّة أي إنّها قابلة للتّحوّل والتّبدّل.على أنّ جميع المؤسّسات الوسائطيّة تنشد تثبيتها وتحويلها من مجال التّاريخي الثّقافي الممكن إلى مجال الطّبيعيّ القارّ الكائن.ومن أبرز هذه المؤسّسات المؤسّسة الفقهيّة والسّياسيّة والأدبيّة.وتنضاف إليها مؤسّسة جديدة هي مؤسّسة الصّورة التّلفزيونيّة الّتي تؤكّد للمشاهد من خلال الخيال المبدع المغري ما يحمله في نفسه أثرا على ذهنيّة مجتمعه من تفضيل للفعل على الانفعال ومن ثمّ من تفضيل للذّكوريّ على الأنثويّ.
وهذا التّفضيل لا يظهر فحسب في ما يتّجه إلى الأطفال من صور بل يتجاوزها إلى الصّور التّلفزيونيّة المتوجّهة إلى الكبار،فمن الشّائع أنّ كثيرا من الأطفال يشاهدون بعض برامج الكبار التّخييليّة شأن المسلسلات والأشرطة التّلفزيّة والسّينمائيّة.ولا يهمّ إن كانت هذه المشاهدة بموافقة الآباء أو دونها ولا يهمّ إن كانت مشاهدة عرضيّة أو منتظمة ولكنّ المهمّ أنّها لا تقلّ تأثيرا في الطّفل عن البرامج الموجّهة إليه بل لعلّها أشدّ تأثيرا لما هو طبيعيّ لدى الأطفال من تلهّف على ما يمتّ إلى عالم الكبار بصلة.
ومن هذه الزّاوية الاجتماعيّة يبدو لنا أنّ الصّورة لا تؤثّر في المشاهد الطّفل فتنشئ من فراغ تصوّره لسمات جنسه ولسمات الجنس الآخر ولكنّها تتفاعل مع رواسب ذهنيّته الاجتماعيّة تأثّرا وتأثيرا.وهنا يبدو الفرق جليّا بين الصّورة
التّلفزيونيّة نفسها تقدّم في بلاد عربيّة وفي بلاد غربيّة مثلا.ففي الحال الأولى تصادف الصّورة المعياريّة (القائمة على تفضيل الذّكوريّ على الأنثويّ) ذهنيّة اجتماعيّة ساعية نحو تجاوز هذا التّفضيل فلا يكون تأثيرها النّفسيّ شديدا أمّا في الحال الثّانية فإنّ الصّورة ذاتها تصطدم بذهنيّة اجتماعيّة مكرّسة للحكم المعياريّ فتصبح الصّورة لا فحسب مرسّخة للمنظومة القيميّة الاجتماعيّة بل إنّها تنتصب بدورها معيارا قيميّا استنادا إليه يحكم الطّفل على جنسه وعلى الجنس الآخر.
إنّ وعينا بهذه المسألة الشّائكة وبالفروق بين الرّؤية النّفسيّة والرّؤية الاجتماعيّة للهويّة الجنسيّة من خلال الصّورة التّلفزيونيّة،من شأنه أن يحملنا على التّثبّت في نوع الصّور الّتي نقدّمها لأطفالنا.ولئن كانت هذه المسألة عسيرة لأنّنا في مجال الصّورة (وسواها) مستهلكون لا مبدعون،فإنّه يمكننا أن نفكّر في محاورة أطفالنا فيما يشاهدونه من صور وذلك ببيان حدود الصّورة وتركيز بعدها الخياليّ في مقابل الواقع أي إنّ علينا أن نحاول إنشاء ضرب من التّبعيد(distanciation) بين أطفالنا وما يشاهدونه على شاشة التّلفزيون كي ينشأ لديهم حسّ نقديّ يمكّنهم من تجاوز استهلاك الصّورة إلى نقدها من منظور عامّ وكي تتحوّل العلاقة بين الجنسين في تفاعلها بين الصّور والواقع من علاقة صراع التّقابل إلى علاقة سلام الاختلاف.

مفهوم الهويّة الجنسيّة مفهوم حديث يتجاوز تحديد الجنسين وفق الانتماء البيولوجي الطّبيعيّ إلى اعتبار الهويّة الجنسيّة تشكّلا رمزيّا ثقافيّا تنشئه اللغة.ولمّا كانت الصّورة من أبرز وجوه الأنظمة الرّمزيّة الّتي يتعامل معها الطّفل كان من المفيد التّساؤل عن دور البرامج التلفزيونية في تشكيل الهويّة الجنسيّة للطّفل أي في تشكيل تصوّره لسمات جنسه من جهة ولسمات الجنس المقابل من جهة أخرى.وننشد تناول هذه التصوّرات متسائلين عن حدود الطّبيعيّ والثّقافي في نشأة الهويّة الجنسيّة وباحثين في مدى اختلاف تصوّر الجنسين أحدهما للآخر وفق المجتمعات والأزمنة.ولا يمكننا البحث في نشأة مفهومي الذّكوري والأنثوي لدى الطّفل دون الوقوف على مسألة التربية الجنسيّة إن في بعدها التّعليميّ المباشر أو في بعدها النّفسيّ الضّمنيّ الذي يتجسّم في موضع اللاوعي.ولذلك لن يقتصر هذا البحث على البرامج الموجّهة للطّفل على أهمّيتها وسيحاول تجاوزها إلى سائر البرامج التّلفزيونية إذ تثبت الدّراسات أن الأطفال يشاهدون البرامج الّتي لا توجّه في الأصل إليهم وأنّ هذه المشاهدة غير المقصودة أكثر تأثيرا في الطّفل.

د-ألفة يوسف
أستاذة محاضرة بالجامعة التّونسيّة.