vendredi 9 octobre 2009

"أردي" جاءت تأكيداً لا نفياً لنظرية داروين!



التاريخ: 2009-10-07

جواد البشيتي ـ "سقوط نظرية داروين".. "نهاية أُسطورة نظرية النشوء والارتقاء لداروين".. إنَّهما "العنوانان الكبيران" في صحافتنا اليومية العربية؛ أمَّا "الخبر"، أي "خبرهما"، فلا يمتُّ لأيٍّ من العنوانين بصلة، فالهوَّة بين "العنوان" و"الخبر" كالهوَّة بين "الإنسان" و"الشمبانزي"، عُمْقاً واتِّساعاً! بوضعه هذا العنوان، أو ذاك، أظْهَر محرِّر الخبر سوء، أو قِلَّة، أو عدم، فهمٍ لمحتوى الخبر، وانحيازاً إيديولوجياً أعمى ضدَّ نظرية داروين، أو بدا منتظِراً بلهفة سماع نعيها. "رويترز" وحدها وَضَعَت العنوان الذي يعكس المحتوى العلمي الحقيقي للخير؛ وكان عنوانها "كَشْف في أثيوبيا: جَدُّ الإنسان لا يشبه الشمبانزي".

إنَّني لا أدعو إلى أنْ تكون مع، أو ضدَّ، نظرية داروين؛ ولكنَّني أدعو إلى "الموضوعية" في فهمها، وفي الموقف منها، على صعوبة أن يُلبِّي كثيرٌ من العامة من الناس، ومن المنتمين إلى "المجتمع العلمي" أيضاً، هذه الدعوة، فلو أنَّ بديهية هندسية تعارَضت مع مصالح البشر لألغوها، أو لسعوا في إلغائها.

ما هو "المحتوى الحقيقي" للخبر، الذي، على أهميته، لم يكن، لجهة تأويله الأيديولوجي، أكثر من زوبعةٍ في فنجان؟

في منطقة من أفريقيا، تُعْرَف الآن باسم "أثيوبيا"، عُثِر على "هيكل عظمي (غير مكتمل)"، يخصُّ حيواناً من الثَّدْيِيَّات؛ وتبيَّن أنَّ هذا الحيوان من الثَّديِّيات هو من أسلاف البشر؛ وتبيَّن، أيضاً، أنَّ هذا "الهيكل العظمي" يخصُّ امرأة، طولها 120 سنتيمتراً، ووزنها 50 كيلوغراماً تقريباً، وأنَّ هذه المرأة، التي أُطْلِق عليها، أو على هيكلها العظمي، اسم "أردي"، عاشت هناك قبل نحو 4.4 مليون سنة.

علماء أُصول الجنس البشري توفَّروا على دراسة وتحليل الهيكل العظمي لـ "أردي"، فتوصَّلوا إلى أنَّ "رأسها يشبه رأس القرد (ولكنَّها ليست بقرد)"، وأنَّها، كانت تسير منتصِبَة (غير منحنية كالشمبانزي والغوريلا) ) كالبشر. أمَّا تعليل سيرها منتصِبة فيكمن في يديها ومعصميها وتجويف الحوض لديها. ولكنَّها، وبسبب أصابع قدميها، كانت تتسلَّق الأشجار بسهولة.

ولكونها لا تملك ما يملكه الشمبانزي من أنياب حادة، اسْتَنْتَجوا أنَّ "أردي" كانت مسالِمة، قائلين "ربَّما كانت أكثر مسالَمَةً من الشمبانزي الذي نَعْرِف".

"أردي" هي الآن، أو ربَّما تكون، أقدم أسلاف الإنسان المعروفين، فهي أقدم بمليون سنة من "لوسي"، التي كانت تُعَدُّ من أهم الأصول البشرية المعروفة، أو المُكْتَشَفَة.

إذا أردتم معرفة النقطة الأهم في هذا الاكتشاف، أو في الدراسات والأبحاث الخاصة بهيكل "أردي"، فإنَّها تكمن في قول الباحثين "إنَّ أردي لا تشبه قرد الشمبانزي (الذي نَعْرِف)"؛ فإذا كانت "أردي" هي أقدم أسلاف البشر (4.4 مليون سنة) فإنَّ الإنسان الذي نَعْرِف، أو إنسان القرن الحادي والعشرين، لا يعود في أصوله، أو في أصله الأقدم، إلى قرد الشمبانزي، أو إلى حيوان يشبه الشمبانزي. إنَّه يعود، على ما عرفنا الآن، أو على ما نعرف حتى الآن، إلى "أردي"، التي ليست بشمبانزي أو قرد، وإنْ كان لها رأس قرد، وإنْ كانت أيضاً، بسبب أصابع قدميها، تتسلَّق الأشجار بسهولة.

هذا القول، أي قول أصحاب التقرير أو البحث إنَّ "أردي" لا تشبه قرد الشمبانزي، هو ما جَعَل المعادين لنظرية "النشوء والارتقاء" لداروين يقولون إنَّ "دليلاً جديداً على أنَّ نظرية داروين كانت خطأ قد أتى الآن".

إنَّه "دليلٌ جديد"؛ ولكن ليس على خطأ نظرية داروين، وإنَّما على سوء فهمهم لها، فإنَّ داروين لم يَقُل قط إنَّ قرد الشمبانزي هو الأصل الأقدم للإنسان، أو إنَّ الإنسان قد تطوَّر عن قرد الشمبانزي، أو عن أي قرد آخر. لم يَقُلْ قط إنَّ قرد الشمبانزي وُجِدَ أوَّلاً، أي قبل وجود الإنسان، فتحوَّل بعضٌ من قردة الشمبانزي (القدماء) إلى بشر، أو إلى أُصولٍ للإنسان الذي نعرف.

وإنِّي لأريد أن أسألهم "ما هي الحال التي ينبغي لهيكل أردي أن يكون عليها حتى يصبح ممكناً أن نقول إنَّ نظرية داروين كانت صائبة؟".

هل كنتم تظنون أنَّ نظرية داروين يتأكَّد صوابها إذا ما تبيَّن لنا أنَّ "جَدَّتنا الأقدم"،أي "أردي"، في منزلة بين منزلتين، بعضها إلى نوع الشمبانزي ينتمي، وبعضها إلى النوع البشري ينتمي؟!

"أردي"، من حيث النوع، ومن حيث المبدأ والجوهر والأساس، إمَّا أن تكون بشراً، وإمَّا أن تكون قرداً، وليس من منزلة تتوسط هاتين المنزلتين، أو تدمجهما فيها.

المرأة، على ما تعلمون علم اليقين، إمَّا أن تكون حاملاً، وإمَّا أن تكون غير حامل، فلا وجود أبداً للمرأة نصف الحامل، أو التي في منزلة بين منزلتين.

وأنتم لو جئتم بمكعَّب جليد، وقمتم بتسخينه، فسوف ترونه يتحوَّل إلى ماء (سائل). الماء، في هذا المثال، إمَّا أن يكون صلباً (الجليد) وإمَّا أن يكون سائلاً، فهل رأيتموه في منزلة بين منزلتين؟ هل رأيتموه في حالٍ تشبه "العجينة" مثلاً؟!

لقد فاتكم أنَّ "الطفرة" هي جوهر نظرية "النشوء والارتقاء"؛ و"الطفرة" تعني، في مثال "أردي"، أنَّ هذا الحيوان من الثَّديِّيات إمَّا أن يكون بشراً، وإمَّا أن يكون قرداً.

الشمبانزي، وهو الحيوان الأقرب إلى البشر، ليس بأصل الإنسان، فلا هو يتحوَّل إلى إنسان؛ كما أنَّ الإنسان لا يتحوَّل إلى شمبانزي، إلاَّ في المعنى المجازي. كلاهما تفرَّع من أصل حيواني واحد (مشترَك). إنَّ لهما جَدَّاً مشترَكاً، هو ما سمَّاه داروين "الحلقة المفقودة"، فالشمبانزي (إنْ كانت تربطه بالإنسان صلة قرابة) إنَّما هو ابن عمِّ الإنسان.

على بُعْد 4.4 مليون سنة عَثَرْنا على ما يُفْتَرَض أن يكون الهيكل العظمي لـ "جَدَّتنا الأقدم" أردي؛ وقد نَعْثُر، مستقبلاً، في المكان نفسه، أو في مكان آخر، وعلى بُعْد 4.4 مليون سنة، أو أكثر قليلاً، أو أقل قليلاً، على الهيكل العظمي لابن عمِّها، أي "الجَدُّ الأقدم" لقرد الشمبانزي.

"أردي"، من حيث "النوع"، هي إنسان، وليست بشمبانزي، أو قرد؛ ولكنَّ هوَّة سحيقة تفصل بينها وبين إنسان القرن الحادي والعشرين؛ وهذا إنَّما يدلُّ على الحجم الهائل للتطوُّر الذي عرفه الجنس البشري منذ 4.4 مليون سنة.

وإنَّي لاستغرب تجاهل الذين سارعوا إلى نعي نظرية داروين نقطة أخرى مهمة وردت في "التقرير"، وهي قول الباحث تيم وايت (من جامعة كاليفورنيا بيركيلي) إنَّ "أردي" أكثر بدائية حتى من الشمبانزي الذي نعرف.

ولمزيدٍ من الوضوح أقول عن (أي نيابةً عن) وايت إنَّ الشمبانزي المعاصر أكثر تطوُّراً من جدَّتنا "أردي"!

إنَّهم لا يريدون أن يكون أصل الإنسان قرد؛ ولكنَّهم قَبِلوا الآن، أو يُفْتَرَض فيهم أن يقبلوا، أنَّ الشمبانزي المعاصر أكثر تطوُّراً من جَدَّتنا "أردي"!

إذا جئتَ بشمبانزي معاصر، وقارنته بالإنسان المعاصر، فسوف تقول "لا يمكن أن يكون هذا الإنسان قد تطوَّر عن هذا الشمبانزي"؛ ولكن عليكَ أن تتذكَّر من الآن وصاعداً أنَّ هذا الإنسان المعاصر قد تطوَّر عن "أردي"، التي هي أقل تطوُّراً من هذا الشمبانزي المعاصر!

العالم سي أوين لوفغوري (من جامعة كنت) فجَّر قنبلة إذ قال، بعد أبحاث ودراسات أجراها على الهيكل العظمي لـ "أردي"، "إنَّنا غالباً ما نظن أنَّ الإنسان قد تطوَّر عن قردة؛ لكنَّ هذا ليس صحيحاً، فالقردة هي التي تطوَّرت مِنَّا"!

لوفغوري أكَّد أنَّ البشر لا يمكن أن يتطوَّروا من الشمبانزي أو الغوريلا؛ ولكنَّ القردة يمكنها أن تتطوَّر من البشر. وتأسيساً على قوله ظهر في الصحافة العنوان الآتي "أصل القرد إنسان!".

لقد أبوا أن يكون أصل الإنسان قرد، فَقَبِلوا، من خلال نظرية لوفغوري، أن يكون أصل القرد إنسان!

إذا صحَّ هذا الاكتشاف (أصل القرد إنسان) فإنَّني لا أقبل تسجيل براءة هذا الاكتشاف باسم لوفغوري، وإنَّما باسم أنور البشيتي، الذي هو والدي!

أذْكُرُ أنَّني عندما كنتُ صغير السن قرأتُ (أو تجرأتُ على قراءة) كتاب "أصل الأنواع" لداروين، فما كان من والدي المتديِّن كثيراً إلاَّ أن حاول منعي من المضي قُدُماً في قراءته، قائلاً لي، وكأنَّه، هذه المرَّة، يحاول إقناعي بالتي هي أحسن: إنَّ خطيئة داروين الكبرى تكمن في كونه قال إنَّ أصل الإنسان قرد، فالقردة إنَّما هم في الأصل يهود قد مُسِخوا.

واذْكُر، أيضاً، أنَّني قرأتُ "أصل الأنواع"، وغيره من "الكُتُب غير المسموح حكومياً بالإطِّلاع عليها"، في عهد "التحالف بين الأب والدولة" ضدَّ الأبناء من ذوي الرغبة في قراءة "الفكر المستورَد"، فالدولة كانت تحرص كل الحرص على بقاء "ميزانها التجاري الفكري" رابحاً، لا عجز فيه، فحظرت، بالتالي، كل فكر مستورد!

قُلْنا إنَّ وايت اعتبر "أردي" أكثر بدائية حتى من الشمبانزي، فهل ضرب صفحاً وهو يُصْدِر هذا الحُكم عن حقيقة أنَّ الشمبانزي المعاصر (أو الغوريلا المعاصرة) ما زال يسير منحنياً، وليس منتصِباً كما هي حال سير "أردي"؟

كلاَّ، لم يضرب صفحاً؛ ولكنَّه رفض اعتبار ذلك (أي سير الشمبانزي منحنياً) دليلاً على أنَّ الشمبانزي أقل تطوُّراً من البشر، فالتطوُّر يجب فهمه فهماً نسبياً. إنَّ انحناء الشمبانزي في سيره هو من الصفات التي طوَّرها هذا النوع من القردة حتى يستطيع الحياة في بيئته الطبيعية، وهي الغابات.

هل جاء "التقرير" بما يُثبِت بطلان فرضية "الحلقة المفقودة"؟

أوَّلاً، هناك من يفهم "الحلقة المفقودة" فهماً خاطئاً، فهو يتصوَّرها، أو هُمْ يتصوَّرونها، على أنَّها "الحالة الانتقالية من الشمبانزي إلى البشر".

إنَّها ليست كذلك، فـ "الحلقة المفقودة"، في معناه الصحيح، وبحسب فهم وتعريف داروين نفسه لها، هي "الأصل المشترَك" بين الشمبانزي والإنسان، أي "جَدَّهما المشترَك".

و"هذا الجَدُّ المشترَك" هو نوع حيواني من الثَّديِّيات يختلف (نوعياً) عن الشمبانزي والإنسان، المتفرِّعين منه.

ولقد جاء في "التقرير": "إنَّ الحلقة المفقودة، هي الجَدُّ المشترَك بين الإنسان الحديث والقردة الحديثة؛ وهذا الجَدُّ المشترَك كان مختلفاً عن الاثنين؛ ولقد تطوَّرت القردة والبشر عن هذا الجَدُّ المشترَك بالقدر نفسه".

وعلماء الوراثة ما زالوا يعتقدون أنَّ الإنسان وأقرب أقربائنا الأحياء، وهو قرد الشمبانزي، قد افترقا وتباينا قبل ستة أو سبعة ملايين سنة، مع أنَّ بعض الأبحاث تُرجِّح أن يكون ذلك الافتراق والتباين قد حدث قبل أربعة ملايين سنة فحسب.

الآن، عثرنا على أقدم أصل للبشر، وهو "أردي"؛ ولكن هل بلغنا نهاية السلسلة؟

كلاَّ، لم نبلغها، فمستقبلاً سنعرف من أين جاءت "أردي"، ومن أين جاء أسلاف "أردي"، فأنواع الحيوانات لا تتجاور فحسب، وإنَّما تتعاقب؛ ويكفي أن نرى أوجه تشابه كثيرة بين نوعين منها حتى نستنتج أنَّ لهذين النوعين "جَدَّاً مشترَكاً"، أي أصلاً حيوانياً تفرَّعا منه.

الفاتيكان يتصالح مع داروين.. وبوش يعاديه!

الفاتيكان، وبعد عداء استمر نحو قرن ونصف قرن من الزمان، قرر أنَّ نظرية النشوء والارتقاء التي أنشأها تشارلز داروين، وبسطها في مؤلَّفه الشهير "أصل الأنواع (أو الأجناس)"، تتفق مع "الكتاب المقدس"، أو "الإنجيل".

وزير الثقافة في الفاتيكان الأسقف جيانفرانكو رافاسي هو الذي أعلن ذلك في مؤتمر في روما شارك فيه جمع من علماء ورجال دين وفلاسفة.

ومع ذلك، أكد رافاسي أنَّ الفاتيكان لا ينوي الاعتذار إلى داروين عمَّا أدلت به الكنيسة الكاثوليكية من "آراء سلبية" في شأن نظرياته، قائلاً إنَّ تلك الكنيسة لم تتعرَّض لنظريات داروين بالإدانة، كما لم تحظر قط كتابه؛ و"ينبغي لنا التخلي عن فكرة تقديم الاعتذارات وكأنَّ التاريخ محكمة منعقدة إلى الأبد".

لقد ناصبت الكنائس المسيحية نظرية داروين العداء زمناً طويلاً، لتعارضها مع التفسير الإنجيلي (الحرفي) للخلق، وإنْ وصف البابا بيوس الثاني عشر سنة 1950 "الارتقاء" بأنه "نهج علمي صحيح بالنسبة إلى تطوُّر البشر"؛ وقد عاد البابا يوحنا بولس إلى تأكيد الرأي نفسه سنة 1996.

إنَّ لكل عصر حقائقه وأوهامه، فمصالح البشر (الواقعية) متناقضة، فبعض البشر له مصلحة في "الحقيقة" فينحاز إليها، وبعضه له مصلحة في "الوهم" فينحاز إليه..

داروين لم يَسْلَم حتى من الرئيس بوش، الذي كان يقود دولة لها، وللطبقة التي تمثلها هذه الدولة، من المصالح الواقعية ما يجعلها ضد العقل والعِلم الحقيقي، فهذا الرجل الذي اهتدى بعد طول ضلال قرر أن يطفئ النور في عقول التلامذة من أبناء وطنه، فوافق "السلفيين" و"التكفيريين" الجدد في المسيحية، التي عقدت قرانها مع أوهام "العهد القديم"، على شن حرب صليبية على نظرية "النشوء والارتقاء" لداروين في المدارس والمناهج التعليمية، مبتدعا بمعونة الجهابذة من "المحافظين الجدد"، نظرية جديدة مضادة، فضل تسميتها نظرية "التصميم الذكي"، التي قد تعقد قرانها، عمَّا قريب، مع أهم نظرية كوزمولوجية في القرنين العشرين والحادي والعشرين هي نظرية "الانفجار الكبير" Big Bang التي مسخ اللاهوت حقائقها العلمية حتى جعلها النسخة الفيزيائية من قصة الخلق التوارتية الشهيرة، فكلتا النظريتين، أي نظرية "الانفجار الكبير" ونظرية "التصميم الذكي" لا هدف لها، من الوجهة الإيديولوجية، سوى إحياء السلطان المعرفي والثقافي للكنيسة في وقت تسربلت المصالح والأهداف الإمبريالية للولايات المتحدة، في العالم العربي على وجه الخصوص، بقيم ومبادئ الديمقراطية والليبرالية والعلمانية، وفي وقت شنَّت القوة الإمبريالية العظمى في العالم والتاريخ الحرب على "الأصولية الإسلامية"، تارة بالحديد والنار، وطورا بالأفكار.

لقد جَمَعَ سيد البيت الأبيض السابق بين السلطتين الزمنية والدينية، وكأن "الرئيس"، الذي تستنسبه المصالح الإمبريالية والفئوية الضيقة التي يمثلها "المحافظون الجدد"، هو الذي يمكن ويجب أن يكون "بابويا" في أحد نصفيه.

و"نظرية التصميم الذكي" لـ "الخَلْق" مِنْ بشر وحيوان ونبات، والتي توفَّرت على تصميمها مصالح لأصحابها مصلحة في نَشْر الغباء، لا يشبه إدْخالها في المناهج التعليمية سوى إدخال نظرية أنَّ الأرض هي محور الكون، وأنَّ الشمس هي التي تدور حولها، فنظرية "النشوء والارتقاء" لداروين ليست بالنظرية التي يُقرُّ "العِلْم" بشرعية تطاوُل "البابا" بوش عليها، أو يسمح لحرَّاس الظلام والنعوش والقبور مِنَ "المحافظين الجدد" بطردها مِنَ المدارس والمناهج التعليمية، فإذا كان فيها مِنَ "الأخطاء" ما يَعْدِل خطأ "1+1= 3"، فإنَّ في نظرية "التصميم الذكي"، التي أبدعها الرئيس بوش وأساتذته، مِنَ الأخطاء ما يَعْدِل خطأ "1+1= قرد"!

ولو كان الرئيس بوش "غير انتقائي" في موقفه مِنْ نظرية داروين لـ "طَهَّرَ" فلسفته السياسية والاجتماعية والاقتصادية مِنَ "الداروينية". أمَّا أنْ يسعى في "تطهير" العِلْم والمدارس والمناهج التعليمية مِن نظرية "النشوء والارتقاء" لِيُثَبِّتَ ويُرَسِّخَ "الداروينية" في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فهذا إنَّما يعني "انتقائية إيديولوجية" تضرب جذورها عميقاً في "تناقُض المصالح" التي تُمثِّلها إدارته الزمنية ـ الدينية.

الرئيس بوش لم يُرِدْ لقانوني "صراع البقاء" و"البقاء للأقوى" أنْ يكون لهما سلطان وتأثير في عالمي الحيوان والنبات، ولكنَّه أراد لهما ذلك في "المجتمع" و"عالم السياسة"، متوهِّما أنَّ "البقاء للأقوى" يعني البقاء للمدجَّج بالسلاح، وللذي ألَّه السيف حتى استعبده السيف، ضارباً صفحاً عن نصيحة نابليون له ولأمثاله إذ قال وكأنَّه يخاطب الرئيس بوش: "إنَّكَ تستطيع فِعْلَ كل شيء بالحراب عدا الجلوس عليها!".

الفاتيكان عوَّدنا على "فضيلة الاعتذار"، التي تحتاج هي، وقبل أي شيء آخر، إلى تفسير مُرْضٍ ومُقْنِع، فهو الآن مدعو إلى أن يوضِّح لجمهوره من المؤمنين، الذين شحنتهم الكنيسة الكاثوليكية، من قبل، وزمناً طويلاً، بالعداء لنظرية داروين، كيف، ولماذا، غدت تلك النظرية، التي أثارت جدلاً لم تعرفه نظرية أخرى، متَّفِقة مع "الإنجيل"، أو مع "التفسير الإنجيلي للخلق"، فلا يكفي أن يقول إنَّها متَّفِقة، متوقِّفاً بعد ذلك عن الكلام المباح، وكفى الله القائل شرَّ التعليل والتفسير.

وأذْكُرُ أنَّ أحد الباباوات حاضَرَ في نظرية "الانفجار الكبير"، فامتدحها قائلاً إنَّها تُفسِّر نشوء الكون، أو خلقه، بما يتَّفِق مع "الكتاب المقدس"، فلمَّا سأله أحد الحضور عن "الانفجار ذاته"، ولجهة ماهيته وسببه، أجابه على البديهة قائلاً: "لا تسأل هذا السؤال، فلحظة الانفجار هي ذاتها لحظة الخلق، والتي هي سِرٌّ مستغلَق فهمه على العقل البشري".

داروين يمكن أن يكون قد أخطأ في تفسير كثير من ظواهر التطور في عالمي الحيوان والنبات، وتَرَكَ كثيراً من "الفراغ" في ثنايا نظريته؛ ولكن لا هذا ولا ذاك يمكن أن ينال من قوَّة "البنية التحتية" لنظريته.

ولعلَّ أهم ما جاء به واكتشفه هو "الانتخاب الطبيعي"، و"الفهم التاريخي" للأجناس والأنواع في عالمي الحيوان والنبات.

إنَّ كل حيوان يتكاثر؛ ولكن ليس كل فرد من نسله يبقى على قيد الحياة، فالفرد (من نسله) الذي يملك من الخواص والصفات ما يجعله قوياً، صالحاً، متفوِّقاً، في بيئته هو الذي يبقى، وهو الذي، بالتالي، يُورِّث نسله تلك الخواص والصفات الجيِّدة، نسبةً إلى بيئته، فيتراكم هذا الاختلاف في الخواص والصفات، جيلاً بعد جيل، حتى تَظْهَر أنواع، أو أجناس، جديدة.

و"الصفات الوراثية" ليست بالصفات السرمدية الخالدة التي لا يعتريها تغيير، فهي في تفاعل دائم ومستمر مع البيئة المحلية والأرضية والكونية، فتتغيَّر، بالتالي، في استمرار، ويُورَّث، أيضاً، هذا التغيير. حتى "البيئة الاجتماعية ـ التاريخية" تُراكِم أثرها في "الصفات الوراثية".

أمَّا "الفهم التاريخي" فهو الذي بفضله تفهم الأنواع، أو الأجناس، على أنَّها "الحاضر"، الذي جاء من "الماضي"، والذي يصعد إلى "المستقبل". وهذا إنْ عنى شيئاً فإنَّما يعني أنَّ الشيء في حاضره يجب أن يكون مختلفاً عمَّا كان في ماضيه، وعمَّا يصبح عليه في مستقبله، فانْظُر إلى هذه التفاحة التي على غصنها لتتأكَّد أنَّها لم تكن (في خواصها وحجمها ولونها وشكلها..) في ماضيها كذلك، ولن تكون في مستقبلها على ما هي عليه الآن، فكيف إذا ما نظرنا إلى ما كانت عليه الأشياء الحاضرة قبل آلاف، أو ملايين، السنين؟!

ألم ننتقد، مثلا، نظرية داروين، ونعترض عليها ونناصبها العداء، انطلاقا من نظرتنا "غير التاريخية" للكائن البشري.. انطلاقا من اعتقادنا بأن هذا الكائن كان، في صفاته وخواصه..، قبل مئات الآلاف من السنين مثلما هو الآن، في تشرين الأوَّل 2009 ؟!

بقي أن نقول، في مأساة داروين، إنَّ كثيراً من أولئك الذين تطرفوا في إظهار العداء لها لم يتورَّعوا عن أن يشتقوا منها قوانين ومبادئ ومفاهيم للتطور الاجتماعي والتاريخي، فأساءوا إليها أكثر من سواهم إذ جعلوها شريعة لهم في الاجتماع والتاريخ!

أصل الإنسان.. دينياً

في القِصَّة الدينية لخلق البشر، خُلِقَ الإنسان، أو "آدم" من مادة، هي "الصلصال"، الذي هو طين مُركَّب من سيليكات الألومينيوم، يتميَّز بشدَّة لزوجته عند البلل وتماسكه، فإذا شُويَ بالنار فهو الفخَّار.

من هذا "الطين"، في معناه الحقيقي وليس في أي معنى مجازي، صَنَعَ "الخالِق" آدم، أي الإنسان الأوَّل الذَكَر. وعندما أتمَّ صنعه، أي عندما أتمَّ صُنْعَ هذا "التمثال"، أو "الصنم"، نَفَخَ فيه من روحه، فصار حيَّاً. و"نَفْخُ" الشيء هو أن تُدْخِلَ فيه ريحاً تُخْرِجُها من فَمِكَ.

وأحسبُ أنَّ الفهم الحقيقي للنص الديني هو الذي يقوم على فهم كلماته وعباراته في معانيها الحقيقية، ففهمها في معانيها المجازية، أو التطرُّف في مثل هذا الفهم، يَجْعَل "النص" ضدَّ "منطق اللغة"، ويُدْخِله في متاهة "التدليس اللغوي"، الذي به تتحوَّل "لغة النص" إلى ما يشبه "عجيناً"، يتَّخِذُ الشكل الذي نشاء، فتتقوَّض، في اللغة، العلاقة بين "الدال" و"المدلول".

ومع هذا التقويم للاعوجاج في تلك العلاقة، والذي لا بدَّ منه حتى يستقيم الفهم، نقول إنَّ خَلْقَ آدم، بحسب النص الديني، قد تضمَّن، في مرحلته الأخيرة، أي بعد إتمام صُنْعِه من الصلصال، إدْخال بعضٍ من "الروح الإلهية" فيه. وهذا يعني أنَّ آدم هو "الطين إذ تألَّهَ"، أي الطين إذ نفخ فيه الخالِقَ، أو الإله، من روحه. ومن ذلك جاء القول بموتٍ يفنى فيه جسد الإنسان، أو كيانه الطيني، وتخلدُ بَعْدَهُ الروح، أي روح الإنسان التي هي من الخالِق جاءت، وإليه تعود. ولولا هذا "النفخ الإلهي" لما دبَّت "الحياة" في "آدم الصلصالي".

على أنَّ النص الديني لم يُجِبْ عن أسئلة من قبيل: هل الكائنات الحيَّة الأُخرى، من حيوانية ونباتية، قد خُلِقَت في الطريقة ذاتها، أي من صلصال نَفَخَ فيه الخالِق من روحه؟ وهل "الحياة" في غير الإنسان من الكائنات الحيَّة لا تقوم لها قائمة إلا إذا نَفَخَ الخالِق في تلك الكائنات من روحه؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف لهذه الروح التي جاءت من روح الخالِق ذاته أن تختلف درجة ومرتبة بين الكائنات الحيَّة؟ ليس من إجابات واضحة، في "النص الديني"، عن تلك الأسئلة وأمثالها.

حتى في "خَلْق الإنسان" اختلف، أو تضارَبَ النص ذاته، ففي "خَلْق آدم"، جاء "الخالِق" بذلك "الصلصال"، الذي أتمَّ صنعه، فنَفَخَ فيه من روحه. ثمَّ اختلف "خَلْق حواء"، أو "المرأة الأولى". ثمَّ اختلف "خَلْق ذريَّة آدم"، فـ "الجنين البشري"، وبَعْدَ مُدَّة (نحو 40 يوماً) من تَكوُّنه، في رحم أُمِّه، أي بعد انتهاء "طور المضغة"، يَبْعَثُ "الخالِق" إليه مَلَكاً ليَنْفُخَ فيه "الروح". وهذا يعني أنَّ الجنين، قَبْلَ ذلك، لا يُعدُّ "كائناً حيَّاً". وأحسبُ أنَّ هذا لا يلقى تأييداً في العِلْم، الذي يَنْظُر إلى الجنين مُذْ نشأ وتكوَّن على أنَّه "كائن حي".

لقد خُلِقَ "الإنسان الأوَّل الذَكَر"، أي "آدم"، من "تراب". أمَّا نسله فلم يُخْلَق من "تراب" وإنَّما من "نطفة".

و"النطفة" هي "المني". و"المني"، أو "السائل المنوي"، هو سائل ثخين مُبْيَض، تفرزه الغدد التناسلية عند الذكر في نهاية الجماع، ويتألَّف من "حيوانات منوية" Sperms ومن مادة "بروستاغلاندين .Prostaglandin والخصية هي التي فيها تُنْتَج الحيوانات المنوية وهرمون الذكورة "تيستسترون" Testosterone.

من ذلك يتضح أنَّ الجنين قد خُلِقَ، بحسب قِصَّة خلقه الدينية، من ذلك السائل الذي تفرزه الغدد التناسلية عند الذكر. وهذا السائل هو "النطفة"، التي لا معنى لها سوى هذا المعنى. ويتضح، أيضاً، أنَّ "البويضة" لم تُذْكَر؛ لأنَّها ما كانت تُرى، فهي لا تُرى بالعين المجرَّدة. "المني" وحده هو الذي كان مرئياً ومعروفاً.

والآن، لا نحتاج إلى إثبات أنَّ الجنين يتكوَّن في الرحم عند "تلقيح البويضة"، أي عند اتِّحادها مع الحيوان المنوي. وليس من سبب الآن يدعونا إلى الاعتقاد بأنَّ "السائل المنوي" يَخْرُجُ من غير "الخصية". ويعود إلى هارتسوكر، في القرن السابع عشر، الفضل في معرفة واكتشاف أنَّ الجنين البشري لا يتكوَّن من المني (أو النطفة) فحسب، وإنِّما من اتِّحاد واندماج الحيوان المنوي والبويضة.

الإنسان، بحسب الدين، خُلِق من "نطفة من مني". ويقال، أيضاً، إنَّ خَلْق الإنسان كان من "نطفة أمشاج". و"الأمشاج" مُفْردها "مَشِج"، أو "مشيج"، وهو "كل شيئين مختلطين"، أو "كل لونين امتزجا". ولقد اختلف تفسير "نطفة أمشاج"، فهناك من قال إنَّها تعني "اختلاط ماء الرجل بماء المرأة"، فـ "ماء الرجل وماء المرأة يُمْشَج أحدهما بالآخر"، وهناك من قال إنَّها تعني "اختلاف ألوان النطفة"، وهناك من قال إنَّها تعني "العروق التي تَكُون في النطفة". و"ماء المرأة"، في معناه الحقيقي، إنَّما هو ما يُفْرزه مهبلها من سائل عند الجماع؛ وليس من سبب يدعو إلى تفسير "ماء المرأة" على أنَّه بويضتها؛ فإذا كان ممكنا وصف ما يَخْرُج من خصية الرجل بـ "السائل" فليس ممكنا اتِّخاذ "السائل" وصفاً لـ "بويضة المرأة". وفَهْم "النطفة" على أنها "المني" الذي هو "سائل كالماء" لا يُجيز القول بـ "نطفة أُنْثوية"، تتَّحِد مع "نطفة ذكرية"، فيتكوَّن الجنين البشري.

لقد فسَّروا "النطفة" على أنَّها "الماء"، الذي يَخْرُجُ متدفقاً من "بين صلب (أي ظَهْر) الرجل وعظام صدره"، فإذا كان هذا "الماء"، عند الرجل، هو "السائل المنوي"، فإنَّ هذا "الماء" لا يَخْرُجُ " من بين ظَهْره وعظام صدره، لِيُراق من ثمَّ في رحم المرأة. "السائل المنوي" إنَّما يَخْرُج من مكان آخر لم يأتِ "النص الديني" على ذكره لا تصريحاً ولا تلميحاً. وهذا المكان، الذي فيه يُنْتَج "السائل المنوي، ومنه يَخْرُج، هو "الخصية".

وبحسب الوصف الديني لـ "أطوار الخَلْق"، أي للأطوار التي يجتازها الجنين البشري في نموِّه في رحم أُمِّه، تتحوَّل "النطفة" إلى "علقة (حمراء)"، تتحوَّل إلى "مضغة (مخلَّقة وغير مخلَّقة)"، تتحوَّل إلى "عظام"، تُكسى، من ثمَّ، "لحماً".

وبَعْدَ هذا الطور، الذي فيه تُكسى العظام لحماً، يَبعث "الخالِق إلى الجنين "المَلَك"، الذي يَنْفُخُ الروح فيه، فإذا نَفَخَها فيه تحرَّكَ الجنين وصار خَلْقاً آخر ذا سمع وبصر وإدراك..

"العلقة" هي قطعة من "العلق"، الذي هو الدم الغليظ الجامد. و"المضغة" هي "العلقة" إذا صارت "لحمة"، تشبه ما يُمْضَغ من اللحم. وهذه "المُضْغَة" قد تسقطها المرأة الحامل قَبْلَ "التشكيل والتخطيط"، وهذه هي "المُضْغَة غير المخلَّقة"، أو بَعْدَ "التشكيل والتخطيط"، وهذه هي "المُضْغَة المخلَّقة". ومعنى "التشكيل والتخطيط" هو أن تَظْهَر "المُضْغَة" في "ملامح بشرية" مثل الرأس واليدان والصدر والبطن والفخذان والرجلان..

ثمَّ تتحوَّل "المُضْغَة" إلى "عظام"، ثمَّ تُكسى العظام "لحماً". وهذا "التحوُّل" يكتنفه غموض وإبهام، فإذا كان لـ "المُضْغَة المخلَّقة" تلك "الملامح" فلا بدَّ لها من أن تنطوي على "عظام"، فكيف لها، إذا ما انطوت على عظام، أن تتحوَّل إلى "عظام"، تُكسى، من ثمَّ، لحماً؟!

كيف بدأت "قصَّة الخَلْق للبشر"؟

بدأت إذ اعتقد البشر القدماء أنَّ "الأنواع" في "عالم الحيوان" تتجاوَر ولا تتعاقب، فليس من "نوع حيواني" يمكن أن يتحوَّل إلى "نوع حيواني آخر"، كما ليس من "أنواع حيوانية" ذات "أصل حيواني مشتَرك". فـ "القط" الذي نَعْرِف هو القط ذاته الذي عَرَفَهُ الماضي، والذي سيَعْرِفُهُ المستقبل، فـ "النوع الحيواني" لا يتغيَّر، أي لا يتحوَّل إلى نوع حيواني آخر، ولو عَبْرَ ملايين السنين من التطوَّر.

وقدماء البشر كانوا يعتقدون أنَّ عُمْر "الأرض" مع بشرها وحيوانها ونباتها، لا يزيد عن بضعة آلاف من السنين. "التطوُّر" في "عالم الحيوان" لم يكن في متناوَل عقولهم، فـ "النوع الإنساني"، في معتقدهم البدائي، لا يمكن أن يجيء إلا من ذاته، أي من النوع الإنساني ذاته.

وبدأت "القصَّة" إذ تأمَّلوا "التكاثُر البشري"، فـ "عدد البشر" يزداد، فلو كان الأحياء من البشر، الآن، 1000 إنسان، ولو ماتوا، جميعاً، بَعْدَ 100 عام، فإنَّ عدد البشر لن يظل 1000 إنسان، فهو سيزيد، وسيبلغ، مثلاً، 1200 إنسان. وهذا العدد يزداد سنة بَعْدَ سنة. وهذا يعني، أيضاً، أنَّ عدد البشر في الماضي كان أقل، فَقَبْلَ 100 عام كان، مثلاً، 700 إنسان، وقَبْلَ 200 عام كان، مثلاً، 300 إنسان، وقَبْلَ 500 عام كان، مثلاً، 50 إنسان. وهذا التأمُّل لـ "التكاثر البشري"، في ماضيه، قادهم إلى الاستنتاج الآتي: لقد بدأ الجنس البشري بـ "فردين"، هما رجل (آدم) وامرأة (حواء).

لا شكَّ في أنَّ عدد أفراد الجنس البشري، الذي ينتمي إليه "بَشَرُنا"، كان قَبْلَ آلاف (أو عشرات آلاف) السنين، أقل كثيراً من عدد أفراده اليوم. وكلَّما توغَّلْنا في ماضي الجنس أو النوع البشري رأيْنا مزيداً من الفروق والاختلافات في الصفات والسمات والملامح الطبيعية أو البيولوجية.
والجنس البشري، في أصله ونشأته وبدايته، لم يكن "فرداً"، أي آدم، ولا "فردين"، أي آدم وحواء، وإنَّما "مجموعة"، أو "جماعة"، أنْتَجها التطوُّر الحيواني الطبيعي، فمِنْ تطوُّر "نوع حيواني آخر"، أو مِنْ تطوُّر بعض من أفراد هذا "النوع الحيواني الآخر"، ظَهَر أسلاف الجنس البشري.

في العلاقة بين الكائن الحي وبيئته نرى، أوَّلا، أنَّ الكائن الحي، كل كائن حي، لا بدَّ له من أن يتكاثر ويتناسل، ثمَّ نرى أنَّ بعضا من نسله يبقى على قيد الحياة. الكائن الحي يلِد العشرات، أو المئات، أو الآلاف، من أمثاله، أي من أفراد نوعه. وكل مولود لديه من الصفات ما يجعله مختلفاً عن "أشقَّائه". وفي هذا الاختلاف يكمن سرُّ التطور، فالمولود الذي يبقى على قيد الحياة، ويتكاثر ويتناسل، إنَّما هو الذي لديه من الصفات ما يمكِّنه من العيش في البيئة التي وُلِدَ فيها. أمَّا غيره من المواليد الأشقَّاء فلا مفرَّ له من الهلاك؛ ذلك لأنَّ البيئة التي وُلِدَ فيها، والتي هي تؤدِّي دور "الناخب" في المجتمعات الديمقراطية، لم تَجِد فيه (أي في هذا "المرشَّح" من بين عشرات ومئات وآلاف "المرشَّحين" من أشقَّائه) من الصفات ما يؤهِّله لأن يكون ابناً لها، فلم تُدْلِ بصوتها لمصلحته، أي لم تنتخبه وتصطفيه وتختاره. الذي لديه، في صفاته، أي في فطرته، ذلك "التفوُّق" هو الذي تنتخبه الطبيعة، أو البيئة، التي وُلِدَ فيها، وهو الذي، في تكاثره وتناسله، يُورِّث نسله صفاته "الجيِّدة"، فيستمر ويعظم التطور والارتقاء جيلا بعد جيل حتى يتحوَّل "النوع القديم" إلى نوع جديد أكثر تطوُّرا ورقيَّا. ولا شكَّ في أنَّ "التركيب الجيني" يَخْضَع هو أيضا للتطور، فالتفاعل بين الكائن الحي وبيئته (في مفهومها الواسع) يتمخَّض دائما عن تغيير في "تركيبه الجيني".

لقد جانبوا "التاريخية"، أي فَهْم الشيء، الذي يرونه الآن، على أنَّه مختلف حتماً في خواصِّه وصفاته عمَّا كان في ماضيه وأُصوله، فقادهم تأمُّل "التكاثُر البشري" إلى القول بـ "فردين اثنين" نشأ عنهما "الجنس البشري"، هما "الرجل الأوَّل"، أي آدم، و"المرأة الأولى"، أي حواء.

وبعدما بلغوا هذه "الحلقة الأولى" من "السلسلة"، وأمسكوا بها، تساءلوا عن "أصل" هذه "الحلقة"، فَمِنْ أين، وكيف، جاء آدم وحواء؟!

تساؤلهم هذا تأثَّر بـ "واقعهم الاجتماعي ـ التاريخي"، أي بـ "السيادة الاجتماعية للرجل"، ففهموا "حواء" على أنَّها "مخلوق خَلَقَهُ الخالِق من الضلع اليسرى لآدم"، فآدم كان نائماً عندما قام الخالِق بخَلْق حواء من ضلعه اليسرى، فاستيقظ، فرآها، فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه، فضاجعها، فأنجبت له أولاداً، تناكحوا وتناسلوا، وانتشروا في الأرض. ولكنْ، من أين جاء آدم ذاته؟!

كان يكفي أن يجانب البشر القدماء "التاريخية" في النظر إلى النوع البشري حتى تسيطر "الميتافيزيقيا" على "جوابهم"، و"طريقتهم في التفكير". وقد انتهى بهم التفكير إلى القول بـ "خَلْق آدم من طين (أو صلصال)"، فهُم رأوا، أوَّلاً، كيف أنَّ الميِّت من البشر يتحوَّل إلى "تراب". ورأوا، من ثمَّ، أوجه التشابه والاختلاف بين الإنسان والتمثال الذي كانوا يصنعونه من الطين.

و"الفَرْق الجوهري" بين هذا التمثال والإنسان الحي، وهو "الحياة" بكل معانيها، حَمَلَهُم على القول بـ "الروح"، التي تَجْعَل "الحياة" تدب في "التمثال الطيني (آدم) الذي خَلَقَهُ الخالِق".

ومن مقارنتهم بين "الحي" و"الميِّت"، أنشأوا وطوَّروا مفهوم "الروح"، التي رأوها شيئاً يشبه "الريح"، أو "الهواء". في هذه المقارَنة رأوا أنَّ "الحي" يتنفس، فالهواء يَدْخُل إليه ويَخْرُج منه، عَبْرَ "الفم" و"الأنف"، بينما "الميِّت"، في صفته الأولى الظاهرة، يتوقَّف عن التنفُّس. وفهموا "الروح" على أنَّها شيء مُدْخَل إدخالاً في "البدن"، أو "الجسد"، ويمكنه العيش في خارجه، وفي استقلال تام عنه. وهذا الاعتقاد إنَّما وَلَّدَتْهُ في عقولهم ظاهرة "الحُلْم"، أو "المنام"، فالإنسان يرى في منامه إنساناً آخر، حيَّاً أو ميِّتاً. وهذا الإنسان الذي نراه في المنام إنَّما هو "الروح الزائرة".

من كل ذلك خَلَقوا "قصَّة الخَلْق لآدم"، فالخالِق خَلَقَ "الرجل الأوَّل" من "الصلصال"، أو من "خلاصة الطين"، ثمَّ "نَفَخَ فيه من روحه"، فدبَّت فيه "الحياة". وبـ "الموت" تَخْرُجُ منه "الروح"، فـ "البدن" يزول، أي يتحوَّل إلى "تراب"، بينما تَخْلُدُ "الروح". هذا "الفصل الأوَّل" من "القصَّة".

أمَّا "الفصل الثاني" فكان خَلْقُ الخالِق لـ "حواء" من "الضلع اليسرى" لـ "آدم". وفي "الفصل الثالث (والأخير)"، كانت "نهاية القصَّة". وهذا الفصل هو "فصل التناسل"، فـ "حواء" إذ ضاجعها "آدم" أنجبت له أولاداً، تناكحوا وتناسلوا وانتشروا في الأرض.

"المجهول الأعظم" في هذا الفصل كان "علاقة حواء (أو المرأة) بالإنجاب"، فـ "البويضة"، التي لا تُرى بالعين المجرَّدة، لم تُذْكَر، لا تصريحاً ولا تلميحاً، في "القصَّة الدينية للإنجاب".

كل ما كانوا يعرفونه في أمر علاقة المرأة بالإنجاب لم يتعدَّ الآتي: المرأة لا تستطيع الحَمْل والولادة إلا في مرحلة واحدة من عمرها. ثمَّة علاقة بين "الحيض" و"الإنجاب". "رَحْم المرأة" هو المكان الذي فيه يتكوَّن وينمو "الجنين"، الذي لا يُعْرَفُ جنسه (ذكر أو أُنثى) إلا بَعْدَ خروجه من رَحْم أُمِّه. ليس من "سائل" تُفْرزه المرأة يشبه "السائل المنوي" عند الرجل. المرأة عندها فحسب "الدم" الذي يَخْرُج من رَحْمِها كل شهر ما دامت قادرة على الإنجاب، و"الإفراز المهبلي". وكلا "السائلين" لا يُماثِل "السائل المنوي" من حيث علاقته بـ "الإنجاب".

وإذا كانت "البويضة" لا تُرى بالعين المجرَّدة فـ "السائل المنوي"، وليس "الحيوان المنوي"، يُرى. وبناءً على ذلك، فهموا "الجنين" على أنَّه "المني يُسْكَب في الرحم"، فـ "البويضة" كانت "المجهول الأكبر" في معرفتهم تلك. وهذا "المني"، الذي منه يأتي "الجنين"، هو "النطفة".
ومع أنَّهم عرفوا معنى "الخصي"، أو "الخصاء"، فإنَّ "مَصْدَر السائل المنوي" ظلَّ غير واضح لديهم. ولجهلهم أنَّ "السائل المنوي" يُنْتَج في "الخصية" خُيِّل لهم أنَّ هذا "الماء" يَخْرُجُ مِنْ "بين ظَهْر الرجل وعِظام صدره".

بَعْدَ ذلك، شرع البشر القدامى يتصوَّرون "أطوار الجنين"، أي المراحل التي يجتازها في نموُّه. وقد بنوا تصوُّرهم من مَشاهِد إجهاض المرأة الحامل لجنينها، فهُم رأوا "الجهيض" في غير شكل. ورأوا أشكاله تختلف باختلاف عُمْرِه. رأوه في شكل "قطعة من الدم الغليظ أو الجامد"، أي في شكل "علقة". ثمَّ رأوه في شكل "قطعة من اللحم وقد مُضِغَت"، أي في شكل "مضغة". وهذه "المضغة" كانوا يرونها "مخلَّقة" أو "غير مخلَّقة"، فـ "الجهيض"، في مرحلة من عُمْرِه، كانوا يرونه في شكل "مضغة بملامح بشرية".

وبَعْدَ "طور المضغة"، يأتي "طور العظام"، فـ "طور كسو العظام لحماً"، فـ "طور نفخ الروح في الجنين". وبحسب هذا التسلسل، تتحوَّل "المضغة" إلى "عظام"، ثمَّ يكسو الخالِق العظام لحماً.

لقد قالوا بـ "طور العظام" على الرغم من أنَّهم لم يروا، قط، جهيضاً في شكل "عظام". وأحسب أنَّ هذا الطور، أي "طور العظام"، قد قالوا به إذ رأوا "اللحم" يكسو "العظام" في جسم الإنسان، وكيف يُنْزَع (في الحيوان) عن العظام.

وبوحي من هذه "الميكانيكية" في النظر إلى العلاقة بين "اللحم" و"العظام" قالوا بتحوُّل "المضغة" إلى "عظام"، وبكسو العظام لحماً. وفي هذا "الطور"، أي في طور "كسو العظام لحماً"، يَبْعَثُ الخالِق إلى الجنين ملاكاً فيَنْفُخُ فيه الروح، فيتحوَّل الجنين إلى "كائن حي"، وكأنَّه قَبْل ذلك لم يكن بالكائن الحي.

دنيا الوطن

mercredi 22 juillet 2009

العنف

امال قرامي

1- في مفهوم العنف

يعرّف العنف بأنّه "كلّ سلوك يتضمّن معاني الشدّة والقسوة، وهو استخدام غير مشروع للقوّة المادية أو المعنوية قصد إلحاق الأذى بالأشخاص والإضرار بممتلكاتهم." ( أحمد جابر ، المرأة الفلسطينية في مواجهة العنف والتمييز"، مجلة المستقبل العربي، العدد 321، نوفمبر 2005، ص134.) ويذهب مصطفى حجازي إلى أنّ العنف "لغة التخاطب الأخيرة الممكنة مع الواقع ومع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي، وحين ترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمته".(نقلا عن نفس المرجع، ص134.) أمّا الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1993 فإنّه يعرّف العنف بأنّه "أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس، ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة بدنيان أو جنسيان أو نفسيان للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أم الخاصة". وعلى هذا الأساس فإنّ العنف قد يكون سلوكا فعليّا أو قوليّا. وقد يتجلى بصفة واضحة أو يتخفّى في حالات أخرى، وراء أقنعة ومسالك وهنا جاز الحديث عن العنف الرمزي.

2- في أشكال العنف

تتعدّد، في الواقع، أشكال العنف ويمكن الوقوف عند أبرزها:

- العنف اللفظي: هو عنف ممارس في جميع الأوساط وفي جميع الفضاءات الداخلية والخارجية ، الحميمة والعامة، ويتراوح بين السباب والشتم واللعن والدعاء بالشرّ ليصل إلى الاتهام بالاسترجال أو القصور الذهني أو الفسق أو الفجور أو الخيانة أو موالاة الأجنبي أو الكفر أو الخروج عن الإسلام.

- العنف المادي: تومئ مؤلفات عديدة وأفلام وثائقية وتقارير لجان حقوق الإنسان إلى تعرّض عدد من النساء إلى التعذيب والاعتقال والاغتصاب وغيرها من أعمال العنف. كما تشير الأخبار التي نقلت تفاصيل الحملات الانتخابية النسائية الأخيرة إلى ما تتعرّض له عدد من النسوة من عنف مادي سواء كان ذلك من الزوج أو من أنصار الأحزاب المعارضة لدخول النساء مجال السياسية. ويمكن القول إنّ ممارسة العنف استراتيجية معتمدة لسدّ المنافذ أمام كلّ راغبة في خوض تجربة التحرّر من الأسر. وهي وسيلة ترهيبية تتوعّد المتمردات على وضعهن الأنطولوجي والأنثوي بأشدّ العقوبات.

- العنف الرمزي:

يتجلّى هذا الشكل من خلال أساليب التنشئة الاجتماعية التي تشرّع التمييز على أساس الجنس والطبقة واللون والعنصر والدين وتجعل الفرد يعتقد جازما أنّ ممارسته لا تندرج في إطار سجل العنف. وبناء على ذلك فإنّه يختلق للعنف أسماء مختلفة فجرائم الشرف هي دفاع عن العرض والشرف والأخلاق...، وضرب المرأة التي لا تلتزم بوضع الزي الإسلامي أو تسيء لبسه هي ممارسة تدخل تحت باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتأديب إلى غير ذلك. ولئن كثر الحديث عن هذه الأشكال من العنف في إطار منظّمات حقوق الإنسان أو حقوق المرأة أو الجمعيات أو غيرها من أطر مؤسسات المجتمع المدني فإنّنا نعتبر أنّ عنف النصوص والخطابات التي تحف بها لم ينل حظه من العناية فما المقصود بعنف النصوص؟

3- عنف النصوص

على قدر تعدد أجناس النصوص، تتعدّد أشكال العنف وتتجلّى صوره المختلفة. ولمّا كان المجال لا يسمح بدراسة مستفيضة لكلّ أجناس النصوص فقد آثرنا التوقّف عند بعض النماذج.

- 1-عنف النظام اللغوي

طغت السلطة الذكورية على مجالات الإنتاج وسيطرت على البناءات الرمزية وعلى رأسها اللغة. وعبّر النص اللغوي عن مجموعة من التصورات والمعتقدات وعكس تصوّرا للعلاقات بين الجنسين وبناء مخصوصا للسلطة وسياسة للنساء. ونتبيّن من خلال القواميس والمعاجم اللغوية القديمة صورة من صور العنف المسلّط على المرأة. فقد عرّفها اللغويون بأنّها متفرّعة من أصل ثابت، أي الذكر. وهو أمر سيستغله العلماء لبيان أنّ الأصل أفضل من الفرع ولتبرير مفهوم القوامة وتبعية المرأة للرجل إلى غير ذلك من المقولات.

وفضلا عن ذلك تعجّ النصوص الفقهية والتفسيرية والأدبية وغيرها بأفعال وأقوال وصفات ونعوت تشير إلى تبخيس النساء وتشييئهن. فالمرأة تكنّى بالدار، والحذاء، والشاة ، والمطيّة، والمحلّ، وتوصف بأنّها الموطوءة واللعبة، والمملوكة، والعانية وغيرها ، وعقد النكاح كما يعرّفه بعض العلماء هو عقد للتلذذ بآدمية، والرجل يستأجر بضع المرأة بالمهر كما يستأجر الأرض".( فتاوى ابن تيمية،م34،ص68.)

- 2-عنف النصوص التشريعية القانونية

وهو عنف ينهض به المتخصصون في إنتاج النصوص القانونية التي تنظّم المجال الدنيوي وكذا المقدّس، وهم يخضعون في ذلك للإرادة السياسية ولمنطق حفظ المصالح. فما نعاينه في عديد التشريعات الخاصة بقانون الأحوال الشخصية هو التلاعب بمصائر النساء كإلغاء قانون الأحوال الشخصية المصري لسنة 1979بعد أن استمتعت النساء ببعض الامتيازات التي وفّرها لهن، وكتراجع المشرّع الليبي مؤخرا عن سفر المرأة بدون محرم، وكمنع تحديد النسل في إيران إثر اندلاع الثورة ثمّ إباحته الآن ، وكسنّ قوانين الزيّ الموحّد المفروض على النساء بدعوى الحفاظ على الأخلاق العامّة وعفة المرأة، ومعاقبة كلّ امرأة تخالف القوانين باللجوء إلى الزجر والضرب وتحويل المرأة إلى شبح يتسلل إلى الساحة العامّة. ومن القوانين المجحفة بحقّ المرأة قانون 1995 الذي يسمح للأمهات العاملات بمغادرة العمل بعد 15 من الخدمة بغية توفير وظائف للرجال. ويمكن الإشارة أيضا إلى ما تعكسه بعض النصوص القانونية من آراء تساهم في تدنّي مكانة المرأة. فالقانون المغربي ينصّ مثلا على تبين حال الفتاة المقبلة على الزواج هل هي بكر أم لا المادة 42 وتثبت المادة 27 أنّه لا يمكن للزوج الدخول، أي تسلّم جسد المرأة قبل دفع المهر. وهكذا انتقلت السيطرة البطريكية من نطاق رجال القبيلة/ العشيرة إلى سيطرة الدولة على النساء وإجازتها التحكّم بمصيرهن ونقلهن من وضع قانوني إلى آخر وفق الإرادة السياسية أو الضغوط الاجتماعية أو منطق الهوى.

وتكمن صور أخرى من صور العنف في عدم تشجيع أغلب التشريعات العربية النساء على اقتحام المجال السياسي ورفضها توفير أدنى حماية لهن أضف إلى ذلك النصوص التشريعية التي لا تعتبر المرأة مواطنة كاملة الحقوق. نذكر في هذا الصدد رفض عديد البلدان (سوريا، البحرين ....)للمرأة بنقل الجنسية إلى أبنائها أو زوجها.

ولا يمكن التغاضي عن صور أخرى توضّح عنف المشرّع وتواطؤ الدولة ويتمثل ذلك في توخي موقف الصمت أمام اعتداءات توجه للنساء كالاغتصاب الزوجي أو سفاح القربى أو الخفاض أو المتاجرة بالنساء خدمة لمؤسسات الحريم المعاصرة أو تحجيب الفتيات الصغيرات . وعلاوة على ذلك نلاحظ استمرار هيمنة بعض الأعراف على القوانين في المجتمعات المعاصرة. ومن هذه الأعراف ما يتعلّق بالتحكّم في الجسد الأنثوي. فابسم الأعراف تحرم المرأة من الإرث في عديد المجتمعات ويتم التغاضي عن عدم الالتزام بما ورد في القرآن من أوامر بينما يتمسّك بعضهم بتطبيق الشريعة في أحكام الزنا والردّة والسرقة وغيرها من أحكام الحدود. وباسم العادات ينافح البعض عن ختان البنات مستهزئين بانتهاك حرمة الجسد وكأن حقّ المرأة في حفظ النفس لا يعادل حقّ الرجل ، وباسم العفة يتم انتهاك حق البنت في الاستمتاع بطفولتها فتجبر على جرّ الذيول ووضع الحجاب في جميع البلدان حتى في البلدان التي كانت تشكّل الاستثناء كتونس.

وتتجلى مأسسة العنف ضدّ المرأة والتضحية بها في تساهل بعض الدول مع جرائم الشرف في بلدان مثل العراق وفلسطين والأردن وسوريا وغيرها إذ تصفح الجماعة عن القاتل وتعاقب الضحيّة. ولعل الخطورة تكمن في الألفة الحاصلة بين الأعراف والقوانين. فالعنف الذي تمارسه الأسرة يستند إلى القانون والرغبة السياسية التي تبارك بدورها هذه الممارسات أو تتغاضى عنها أو تشرّعها أو تلتزم التجاهل حيالها فتقف ضدّ كلّ محاولات تغييرها أو تتعمّد الصمت والتلاعب بتاريخ الانجازات والمكتسبات. وأيّا كان الأمر فالعنف المسلّط على النساء مضاعف: عنف الأهل والخلان، وعنف الأعراف والقوانين والمؤسسات: عنف الماضي والحاضر.

-3-عنف الفتاوى

يمارس المشرفون عن مراقبة المقدّس عنفا لا يقلّ أهمية عن عنف المشرّع القانوني إذ تطل علينا بين الحين والآخر فتاوى تنتهك كرامة النساء من ذلك مجموعة الفتاوى التي تبيح زواج المسيار والوشم والدم والمتعة والمصياف والـBoy Friend وفتوى تحريم الأنترنت على المرأة بدون محرم، وفتوى تحريم جلوس الرجل على كرسي جلست عليه امرأة، وفتوى رضاع الكبير تلافيا للاختلاط بين الجنسين في أماكن العمل. وهي ظاهرة تنم عن الفوضى المنتشرة داخل المؤسسة الدينية الرسمية وخارجها كما أنّها علامة دالة على "هوامات" ) fantasmes) أغلب الرجال ومخاوفهم وقلقهم إزاء التحوّلات التي أفضت إلى تغيير في نمط الحياة والمعاملات ووسائل النقل وغيرها كما أنّها أدت إلى تغيير في وضع المرأة وفي رؤيتها لذاتها ولمكانها في المجتمع فضلا عن التغيير الذي أصاب مكانة الرجل ودوره في الأسرة والمجتمع.

تعكس مجمل هذه النماذج التي عرضناها بعضا من إنتاج ثقافي كرّس آليات العنف وساهم في مأسسة ثقافة العنف. وواضح أنّ العنف الممارس على المرأة اجتماعيا وثقافيا ورمزيا له انعكاسات خطيرة على مكانتها إذ لاحظنا في السنوات الأخيرة تراجعا في منزلة المرأة وحدا من مكتسباتها . فقد أفضى استشراء ثقافة العنف إلى ترسيخ الصور النمطية التي تلحّ على اعتبار المرأة كائنا قاصرا لا يبلغ الرشد مهما فعل. فهي تظلّ في نظر المجتمع الذكوري، طفلة’ناقصة العقل والدين’ وهي بحاجة إلى التأديب بالضرب إن اقتضى الأمر ،حتى تلزم حدودها وتقبل بالقوامة الرجولية وترضى بالكنّ في بيتها ولا تخترق المجال العامّ ولا تعبث بالنظام الجندري، ولا تطاول على وضعها" الطبيعي" "ولا تزاحم الرجال."

إنّ الناظر في بنية الخطاب أو النصّ يقف على بنى وأنساق ذهنية أدت إلى هذا الوضع . فالنصوص لا تحتل قيمة إلاّ من خلال القارئ الذي يحللها ويعيد صياغتها من جديد وفق ظروفه وسياقه التاريخي والاجتماعي والثقافي وانتمائه الأيديولوجي.

4- عنف التأويل

يقودنا استقراء نماذج من كتب التفسير والفقه إلى الانتباه إلى أنّ أغلب المفسّرين قرأوا النصّ من موقعهم الخاصّ ودافعوا عن امتيازات المجتمع الذكوري الذي صدروا عنه. فلا غرابة أن رأيناهم مثلا يحوّلون الآيات التي تشير إلى حقّ الزوج في الطلاق إلى قانون صارم أبدي لا يمكن المساس به بينما صارت الآيات الداعية إلى حقّ المرأة في أن تعامل بالعدل والإحسان، من منظورهم، مجرد توصيات متروكة لضمير الرجل. وقس على ذلك نماذج أخرى تعجّ بها كتب التفسير والفقه والحديث وغيرها ، وهي ككل عمل بشري تحوي هنات.

ولا يختلف الأمر اليوم كثيرا عمّا كان عليه القدامى فالمتشدّدون يجوّزون لأنفسهم النطق نيابة عن الله ويعمدون إلى تأويل القرآن وفق أيديولوجيا ’الإسلام السياسي’. وبيّن أنّ عسر مواجهة التأويل الذكوري للنصوص الدينية هو العامل الرئيسي الذي يثني عددا من النسوة ، في أغلب المجتمعات، عن اقتحام مجال المشاركة السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية. ويمثّل الخطاب الديني المتشدّد الذي أنتج بشأن أهليّة المرأة للمشاركة السياسية مثلا عقبة رئيسية تحول دون نيل المرأة العربية حقّا من حقوقها الرئيسية.

ولا يخفى أنّ ما يميّز هذا الخطاب قدرته الفعلية على التأثير في الجمهور والهيمنة على العقول. إذ يحظى رجال الدين وشيوخ الإفتاء ودعاة الفضائيات بثقة مستهلكي خطاباتهم وإعجابهم بل تقديسهم. وبناء على ذلك فإنّهم يحرّكون الجمهور ويحوّلونه إلى ’تيّار مقاوم’ رافض اختراق المرأة المجال الذكوري، إذ يفهم هذا الأمر على أنّه تطاول على الذات الإلهية التي خصّت الرجال بفضائل منها القوامة،والدرجة، والرئاسة، والزعامة في كافة مجالات الحياة. ولئن استطاعت بعض النساء تجاوز هذا العائق النفسي فإنّ الأغلبية ترفض خوض غمار حرب التأويل.

وممّا لاشكّ فيه أنّ مواجهة التهديد الذي يحاصر مكانة النساء يقتضي منّا أن ننزّل قضية العنف المسلّط عليهنّ في سياق عامّ تشهده المجتمعات المعاصرة عربية كانت أو غير عربية. فأشكال العنف جلّية نعاينها في كلّ مظاهر الحياة اليومية، وفي المجالين: الفضاء الداخلي الخصوصي الذي تهيمن عليه الأسرة بقوانينها التميزية، وفي الفضاء الخارجي العام حيث تسود قوانين المجتمع البطريكي. ومن ثمّة فإنّ ما يحدث في المجال الاجتماعي أو الثقافي أو الديني أو السياسي ليس إلاّ انعكاسا لظاهرة العنف ككلّ. ولا سبيل إلى تطويق المسألة ومعالجتها معالجة جذرية طالما أنّنا لم نعترف بوجود تجاوزات ولم نقم بتفكيك بنية العنف وتحليل مختلف العوامل المؤدية إلى استشرائها واتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة بحماية المواطن وضمان حقّه في الحياة.

amel_grami@yahoo.com

جامعية من تونس

lundi 20 juillet 2009

سيناريو التكفير ؟

قالت صحيفة (العرب) القطرية ان النقاشات تصاعدت بحدة على صفحات 'الفيسبوك' بين مختلف الأطراف السياسية والأيديولوجية في تونس، وبلغت حدّة تلك النقاشات وخاصة الجارية بين الإسلاميين وبعض الرموز العلمانية واليسارية- حدّا تحولت معه إلى هجمة على المقدسات الإسلامية بدواعي 'حرية الرأي والتعبير' وضرورة 'نقد مورثنا الفكري.'"

وأضافت: "وطالت تلك الهجمة الذات الإلهية والقران الكريم وشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ما دفع بالعديد من المتابعين للتعبير عن امتعاضهم من هذا السلوك خاصة أنه نابع عن بعض الأكاديميين المعروفين."

وأوضحت: "وتعدّ الدكتورة ألفت يوسف أستاذة الحضارة بالجامعة التونسية، أبرز المحركين لهذا النقاش، ولكن صفحتها على 'الفيسبوك' تحولت في الأيام الأخيرة إلى فضاء يُلْعَنُ فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وتكال له أكثر النعوت قبحا."

وأكملت: "فبعد أن أكدت الدكتورة ألفت يوسف في ندوة أقامها 'منتدى التقدم' التابع لأحد أحزاب المعارضة التونسية حق الإسلاميين في حزب سياسي يتكلم باسمهم، تحول موقفها كليا وباتت تتهجم في كل حرف تكتبه على الإسلاميين وتسميهم 'جماعة العورة' تعريضا بما تراه موقفهم ضد المرأة، ثم تحولت من الهجوم عليهم إلى النبش في التراث ليكون منطلقا 'لمريديها' للتهجم على الرموز الدينية دون أن تتدخل."

وتابعت: "ويفسر بعض الملاحظين هذا التحول في موقف يوسف بمحاولتها التنصل من زلة لسانها السابقة، خاصة وقد صار من شبه المؤكد أنها مرشحة لتسلم حقيبة وزارة الثقافة في أقرب تغيير وزاري."


وقالت: "ومن آخر الموضوعات المثيرة للنزاع، ما طرحته الدكتورة على صفحتها بـ'الفيسبوك' في شكل سؤال بدا بريئا وهو: لماذا رفض الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج علي بن أبي طالب على فاطمة الزهراء؟ ليتحول بعد ذلك الحوار إلى حملة تشهير بالمسألة الجنسية في تراثنا نقلا عن أحد المواقع المسيحية المتخصصة في شتم الإسلام."

وضربت مثلاً: "وبلغ الأمر بإحدى المتدخلات وتسمي نفسها 'أجفان' إلى اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالشبقية وبالشذوذ."

تونس - كمال بن يونس :

نفت الأستاذة الجامعية التونسية والباحثة في الفكر الإسلامي ألفة يوسف ما نسبته إليها تقارير صحفية عربية بأنها أساءت للرسول صلى الله عليه وسلم، وللجنس في الإسلام، على صفحتها في "الفيس بوك"، مؤكدة أنها ستقاضي الصحيفة التي نشرت هذه التقارير.

وكانت صحيفة "العرب" القطرية ذكرت منذ أيام، في تقرير لمراسلها في تونس، تحت عنوان "صفحات فيس بوك.. تونسية تهاجم الرسول"، أن "الدكتورة ألفة يوسف طرحت على صفحتها في شكل سؤال: لماذا رفض الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوج علي بن أبي طالب ثانية على فاطمة الزهراء؟ ليتحول بعد ذلك الحوار إلى حملة تشهير ضد الإسلام".

وأضافت الصحيفة "لم تتدخل الدكتورة أمام هذا الهجوم الضاري إلا مرة واحدة لتدعو الجميع لاحترام المشاعر الدينية، في حركة هي أشبه برفع العتب، قبل أن تعود لتترك الحبل على الغارب وتفسح المجال لحفل من السب والشتم»، كما رأى أحد المشاركين في النقاش".


نفي الكاتبة

وقالت ألفة يوسف لـ"العربية.نت" إنها سترفع قضية عدلية ضد الجهات التي تشوّه بعض المواقف الجريئة التي عبرت عنها في كتابها "حيرة مسلمة"، وبلغ بهم الأمر إلى درجة محاولة تكفيرها وتشويه صورتها والزعم بأنها بررت اللواط والزنا وتحرض على زواج المتعة وتشكك في السيرة النبوية وفي سلوكيات الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته.

وأكدت أنها سترفع بصفة خاصة قضية ضد صحيفة "العرب" القطرية ومراسلها لأنهما نسبا اليها "تصريحات لا أساس لها من الصحة حول الإسلام والقرآن والعلاقات الجنسية التي تتماشى والتعاليم الإسلامية".

ونفت يوسف جملة وتفصيلاً ما ورد على لسانها في الصحيفة القطرية وفي مواقع إلكترونية عديدة من تهجمات على شخص الرسول ومزاعم حول تبريرها للإباحية الجنسية وتجاهل نصوص الوحي.

وأعلنت أن المواقف التي وردت على لسان عدد من أنصارها في مواقع "فيس بوك" وفي مواقع إلكترونية عديدة لا تلزمها سواء كانوا علمانيين أو غير علمانيين.

وأعربت عن أسفها لأن البعض خلط بين مواقفها العلمية التي عبّرت عنها في كتاب "حيرة مسلمة" وخارجه وبين القراءات التي قد تكون صدرت هنا وهناك من قبل بعض من اعتبروا أنفسهم أصدقاء لها او داعمين لتوجهها العلمي العقلاني.


المشاغل الجنسية

وفي المقابل أكدت الباحثة في الفكر الاسلامي انها أرادت من كتاباتها مناقشة بعض الافكار والمواقف بجرأة لتشجيع الحوار العلمي والثقافي والتفكير بصوت مرتفع حول بعض القضايا التي تشغل الشباب المسلم اليوم، ومن بينها مشاغله الجنسية.

وأكدت أنها أبرزت وجود اختلافات مهمة في المواقف الفقهية من بعض القضايا من بينها زواج المتعة الذي حرمه فقهاء مسلمون وأباحه آخرون وقال فيه ابن عباس منذ القدم: "اختلفت المواقف حول زواج المتعة وهو أفضل من الزنا".

وكانت كتابات ألفة يوسف أبرزت أن من بين مظاهر حيرة المرأة والرجل في العالم الإسلامي الاختلاف الشاسع بين ما هو قرآني وما هو سني من حيث الانفتاح وخطورة إقفال باب الإجتهاد من طرف بعض الفقهاء، ومحاولات توظيف المشاعر الاسلامية في خدمة المصالح المادية والسياسية، بينما الاسلام في نظرها هو
"دين الحب والسماحة والسلم والخير بكل ما في الكلمات من معانٍ".

وترى الكاتبة أن "القوانين إنسانية وأن مصدر التشريع رباني. فالقرآن كامل ومقدس، أما التأويل الإنساني فهو نسبي. وبالتالي فتأويل النص القرآني مسألة شخصية لا تقتصر على الفقهاء. وذلك لكوننا ننتمي لأمة "إقرأ" لا لأمة اتبع الجاهل".

رجاءً لا تفسدوا علينا هذه الفرحة


2009-05-22
محمد العيادي
فتح عالم الإنترنت، خصوصا الموقع الاجتماعي العالمي «الفيس بوك» لمجموع التونسيين وتحديدا للنخبة المثقفة والمهتمين بالشأن العام عموما، فضاء حرا ورحبا للنقاش والحوار، وهو ما أدخل الفرحة إلى قلوب الكثيرين من أبناء وطننا الطيب، لأن هذه الحوارات والنقاشات أظهرت أن بقية من حياة ما زالت تنتفض في جسد مجتمعنا الموبوء بكل أعراض العطالة الفكرية، وكذبت بالتالي كل الأقاويل عن «مجتمع في حالة غيبوبة فكرية».
لقد أعاد «الفيس بوك» إلى المجتمع التونسي تلك الحيوية الفكرية والأيديولوجية المعهودة في نوادي السينما وساحات الجامعات، ورأينا حراكا ونقاشا، وأحيانا صراعات بين رؤى مختلفة، وهو ما أسعد الكثيرين منا فرحا وبهجة باستعادة نخبنا وبعض من ناشطينا حيويتهم الفكرية. وهذا دليل عافية وصحة على كل حال، لكن للأسف هذه الفرحة لم تدم طويلا، لأن هذه النقاشات والحوارات تجاوزت حدودها ووصلت إلى حد الحروب المكشوفة والمعلنة عبر العرائض والعرائض المضادة أولا، ثم عبر إقحام القضاء ثانيا في هذه الخلافات الفكرية، حيث قامت الأستاذة ألفة يوسف برفع قضية عدلية ضد الصحافي محمد الحمروني على خلفية مقال كتبه في جريدة «العرب» القطرية تعرض فيه إلى تطاول البعض على شخص الرسول الكريم في الصفحة الشخصية للأستاذة ألفة يوسف على «الفيس بوك» وهو ما اعتبرته الأستاذة نوعا من القدح ورفعت الأمر للقضاء. إنني أدعو بكل لطف الأستاذة ألفة يوسف إلى سحب هذه القضية من أروقة القضاء والمحاكم والعودة بها إلى ساحات النقاش والحوار، حفاظا على بقية الحياة التي ما زالت تنبض في الجسد الفكري لمجتمعنا.
إنني أدعو بكل لطف الأستاذة ألفة يوسف إلى سحب هذه القضية، لأن القضاء والمحاكم لا يمكن أن تقضي بأي حال من الأحوال على الفكر المخالف، وأن مجابهة هذا الفكر لا تكون إلا بالحوار وبفكر مضاد.
إنني أدعو بكل لطف الأستاذة ألفة يوسف إلى سحب شكواها احتراما لموقعها، واحتراما لقرائها وأصدقائها واحتراما لحق هذا المجتمع في الاختلاف والتنوع والتعايش رغم الاختلاف الفكري والأيديولوجي.
كما أدعو بكل لطف الصحافي محمد الحمروني إلى التجاوب مع كل دعوات المصالحة مع الأستاذة ألفة يوسف بكل إيجابية، وتجاوز عقدة الخطأ والصواب, لأن ما كتب في جريدة» العرب «القطرية قد يكون صوابا يحتمل الخطأ أو خطا يحتمل الصواب.
إن طريق المصالحة على قاعدة قبول الآخر واحترام حقه في الاختلاف وفي التعبير عن رأيه بكل حرية والتعايش معه هي من أسلم الطرق للخروج من هذه الوضعية التي إن تواصلت لن تزيدنا إلا انغماسا في التحجر والانغلاق.

نقابي مستقل

ذكر محامون يوم الاحد ان الاكاديمية التونسية ألفة يوسف التي اصدرت العام الماضي كتابا مثيرا للجدل عن الاسلام رفعت دعوى قضائية ضد صحيفة خليجية بسبب خبر عن صالون للحوار عن الاسلام تديره على شبكة الفيس بوك.وأضافت المصادر أن ألفة يوسف رفعت دعوى ضد صحيفة العرب القطرية ومراسلها في تونس محمد الحمروني بتهمة "القذف والتشهير" معتبرة ان ذلك دفع البعض الى تكفيرها على صفحات موقع الفيس بوك.

وقالت يوسف انها أقامت دعواها ضد مدير الصحيفة ورئيس تحريرها والصحفي الذي حرر الخبر أمام المحكمة الابتدائية بتونس بتهم التشهير والتجريح وفقا لقانون الصحافة في تونس.

وتضمنت صحيفة العرب يوم 13 من هذا الشهر مقالا يشير الى ان صالون الحوار الخاص بالكاتبة الفة يوسف على موقع فيس بوك تضمن اساءات الى الذات الالهية والرسول دون ان تحرك ساكنا.

واضاف المقال الذي جاء تحت عنوان "صفحات فيس بوك تونسية تهاجم الرسول/ص"/ ان احدى المتدخلات في هذا الحوار اتهمت النبي محمد " بالشبقية والشذوذ".

وعلى صفحة الحوار الخاصة بها طرحت يوسف سؤالا هو.. "لماذا رفض رسول الله.. ان يتزوج علي بن ابي طالب ثانية على فاطمة الزهراء.." ليتحول بعد ذلك الحوار الى اراء متباينة عن الاسلام من بينها آراء هاجمت الاسلام.

وقالت ألفة يوسف لرويترز "انا أطرح قضايا فكرية وكل الردود سواء كانت متطرفة ام لا فهي حرة ولاتعني الا اصحابها وانا غير مسؤولة عما يرد فيها".

يشار الى أن يوسف وهي استاذة جامعية سبق ان اثارت جدلا واسعا بسبب ارائها في المسالة الجنسية في الاسلام من خلال كتابها "حيرة مسلمة" الذي أشارت فيه انه لا أحد من الفقهاء او علماء الدين يملكون الحقيقة في عدة مسائل من بينها الجنس واللواط معتبرة انها مسائل قابلة للتأويل.

كتاب الفة يوسف .. حيرة مسلمة

يذكر انه صدر حديثا في تونس كتاب "حيرة مسلمة" للاستاذ في جامعة تونس- ألفة يوسف، ومن أفكار الكتاب: الميراث والزواج والجنسية المثلية وزواج المتعة.

وفي حديث للعربية.نت، اجراه الزميل حيان نيوف، كانت المؤلفة ألفة يوسف صرحت إن كتابها "تساؤلات وحيرة مسلمة وليس مواقف وقرارات نهائية".

وتضيف "يرصد الكتاب كيف تحدث القرآن والسنة النبوية عن السحاق واللواط، وهل هناك حدود تقام على من يمارسها، وهل العلاقة الجنسية بين رجل وآخر هي لواط أم شيئ آخر، لماذا عاقب الله زوجة لوط في حين أنها لم تمارس اللواط ".

تقول ألفة "بداية كتابي كانت بقوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله) ولا أسمح لنفسي بالقول هذا حلال أو حرام ولكن أدعو لفتح باب الاجتهاد وأريد القول إن القرآن أكبر من مفسريه، لذا أدعو للاجتهاد وليس التمسك في رأي".

وتوضح "وجدت مثلا آراء لبعض القدماء مثل ابن حنبل أكثر تفتحا وتسامحا من آراء شيوخ الوقت الحالي، ووجدت تضاربا في الآراء حول المثلية فالبعض يقول إن حد اللواط القتل ومنهم من يقول التعزير أي التوبيخ مثا ابن حنبل.


حيرتها حول "زواج المتعة"

وفي باب آخر تتحدث ألفة يوسف عن زواج المتعة وتقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرمه وإنما حرمه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وتقول للعربية.نت: تساءلت في الكتاب هل يبقى الشباب العربي حتى سن الثلاين ليتزوج أو نعود لزواج المتعة.

وتضيف: قلت إنه زواج موجود في النص الديني وهناك إباحة له في دول، فيما دول أخرى تمنع مثل تونس، وهناك من يعطيه أسماء أخرى.

وتتابع "أيام الرسول كان الشباب يتزوج باكرا وهذه فلسفة إسلامية لعدم الوقوع في الزنى، وأما اليوم الشباب يتزوج متأخرا لأنه لا يملك مالا ولا يمكنه أن يبقى 15 سنة بلا جنس وهذا ضد المبدأ الذي أتى به الرسول.. وأقول في الكتاب أنه بين الزنا والمتعة أفضل المتعة".

وإذا كانت تخشى اتهامها بالتشيع، تقول "ربما يتهمونني بالتشيع لكن أنا ضد المذهبية في الإسلام".

وتصف ألفة يوسف كتابها أنه "متابعة لاهتمامي بالفكر الديني كذلك هو حول حيرة للشباب الآن إزاء ما تقوله الفضائيات الدينية دون العودة للمصادر والمنبع وهو القرآن والاجتهاد القديم لأنه أكثر تسامحا وهو الذي يمثل الاسلام دين المحبة.

وألفة يوسف استاذة في جامعة تونس حاصلة على دكتوراه في اللغة العربية حول تعدد المعنى من خلال المفسرين للقرآن الكريم وهي باحثة في الفلسفة والعلوم الإنسانية والفكر والأدب

تونس ـ الشروق: حوار عبد الحميد الرياحي وفاطمة بن عبد الله الكراي وعبد الرؤوف المقدّمي:
يتواصل الحوار مع الباحثة ألفة يوسف، صاحبة الكتاب الضجّة: «حيرة مسلمة»، وتتواصل كذلك الردود والتوضيحات والتفاسير التي استقيناها منها عبر ساعات للحقيقة، طرحنا خلالها أسئلة دون مجاملة فجاءت ردودها بلا احترازات تُذكر..
في الحلقات الماضية، رأينا كيف دافعت د. ألفة يوسف عن مكتوبها المجسّد في كتابها الذي أطلقت عليه صفة الحيرة.. وبيّنت بأنها تسعى إلى خلخلة المسلّمات «مسلّمات» من صنع واقتراح البشر، وليست مسلمات النصّ القرآني أو أحاديث الرسول (ص)..
بين الإحساس الداخلي وبين البحث العلمي عن الحقيقة والحقائق، كانت هذه اللقاءات مع د. ألفة يوسف في رحاب «دار الأنوار»، حيث كانت تفصل وبشدّة بين القناعات الذاتية، التي تتبناها في حياتها الخاصة، وهي قناعات تقول د. ألفة يوسف إنها وليدة تفكير طويل وبحث «فأنا عندي الإجابة عن كلّ حيرتي الذاتية.. وأنا عندي إحساس داخلي في قلبي بيني وبين اللّه تعالى.. فإذا كنت مرتاحا في قرائتك، حتى من خلال استقاء تلك القراءة من شيوخ الفضائيات، فهذا لا يقلقني...».
هنا استوقفنا ضيفتنا وسألها أحدنا:
ومتى تقلق ألفة يوسف إذن؟ وكيف تعبّر عن قلقها إزاء ما هي بصدد نقده؟
عن هذا السؤال المستقى من سير كلامها وردودها على الأسئلة الماضية، تقول ضيفة هذا الرّكن: «متى أقلق؟.. أقلق عندما تقدّم لي قراءتك على أنها الحقيقة المطلقة وعلى أنها يجب أن تكون حقيقتي أنا كذلك... عندما يأتي شيخ يقول أنا في رأيي أن الإسلام فرض الخمار على المرأة... وأن المرأة فتنة وعورة... أقول حسنا هذا رأيك لا أسكتك... أمّا إذا كنت أنا أو غيري نعطي قراءة أخرى... لا تقل أنه كافر.
* أنت أستاذة حضارة وتعرفين أنّ هناك مسلّمات تعيش عليها شعوب ويحملها ضميرها... يعني أنّ الإنسان عندما يرفض القراءات المغايرة ليس بالضرورة عنادا بل أحيانا خوفا أن يضلّ... فلا ننظر للأشياء على اعتبار أنه ليس من حقّه أن يقول ذلك... أو ذلك الشيخ قال كذا ولا يحق له أو لا يجب أن يسمعه، هو يسمعه لأن طمأنينته وحيرته زالتا بظاهر النص وظاهر الشريعة وهذا من حقّه؟
ـ أنا لا يقلقني ذلك... ولكن ما يقلقني هو أنه ليس من حقّه أن يفرض عليّ قراءته... لا يقول أنّ الله قال كذا وكذا وأن تلك هي القراءة النهائية... وفي النهاية هو من قال ذلك... يعني كلام الرّازي والطّبري والقرضاوي وعمرو خالد وغيرهم... ليس كلام الله... لنتواضع قليلا ونحترم... قال الله تعالى وبعدها يأتي كلام الله تعالى فقط... ذلك ما أفهمه...
* ما هو مبعث حيرتك... وماذا تريدين أن تبلّغي من خلال كل ذلك؟
ـ مشكلتي هي المسلمات... خلخلة المسلّمات...
* لكن الدين فيه مسلّمات...
ـ ما هي تلك المسلّمات التي تجعلك توافق على أن يقتل الخلفاء الرّاشدون... ما هذه المسلّمات..؟
* ولكن هذه خلفية سياسية؟
ـ وهل أن قراءة النص ليست سياسية... كله يحمل خلفية سياسية...
* هناك مسلّمات كالصلاة، الزكاة نحن اذا تجاوزنا هذا... أين تكمن المشكلة... مثلا إذا أردنا أن نأخذ مثال زواج المتعة... أستطيع أن أجلب لك كتابا كتبته بنت آية الله عن المتعة وتبيّن المآسي التي خلّفها.
ـ أنا لم أقل بضرورة زواج المتعة ولكن أفضّل المتعة على الزنا...
في عهد الرسول لم يكن مبنيا على عقد... بل كان هناك زواج المسيحي... أي في صيغته تلك... أنا أكرّر وأقول أنّني لم أقل في كتابي بإلزامية وجود زواج المتعة في عصرنا هذا...
* إذا ما هو الفرق بين الزواج على الطريقة الصينية والتونسية والأمريكية.. هو نفسه؟
ـ أنا أتّفق معك في هذا...
* هناك مؤسسة اسمها عائلة...
ـ لا لم يكن هناك في عهد الرسول مؤسسة اسمها العائلة... بل هو مفهوم جديد... فمفهوم الأسرة لم يكن موجودا في عهد الإسلام... بل كان هناك مفهوم القبيلة... فهم يتزوّجون 12 زوجة... مثال الحسين الذي يمتلك العديد من النساء والجواري والحريم.. لا يطلق عليهم مفهوم الأسرة.. هذه ليست مشكلتي... أنا أريد أن أسألك ما هو مفهوم الزواج لديك.
* يا أستاذة هناك أشياء اتفقت حولها الانسانية؟
ـ لم تتفق الانسانية على نوع من الزواج ففي عهد الرسول كان للزواج خاصية.. واليوم هناك خاصية أخرى..
* في قبائل بأمريكا اللاتينية ـ مثلا ـ المرأة تتزوّج بأربعة رجال؟
ـ اذن ما هو الزواج الذي تراه صحيحا وأنا احترم رأيك.
* الزواج الانساني العادي
ـ ليس هناك زواج انساني عادي... هل تتحدث عن العقد والحديث.. قديما كان بلا عقد والآن كذلك هناك زواج بلا عقد.
قاطع أحدنا المتحدثة: ولكن هناك إشهار وقبول.
فتواصل: نعم هناك مثال في مصر حين ذهبت في زيارة وقابلت شيوخ وتحدثت معهم وجدت انهم لا يتفقون... ليس هناك اتفاق.. وهناك دليل على الزواج العرفي... فهناك إشهار لأن العائلة تكون على علم به ويتزوّجون ولكن دون عقد... أنا لم أشكّك في الثوابت كالصلاة وغيرها... أنا المسلّمات لديّ هي ان يقول الإنسان لا إله إلا الله.. تلك هي المسلّمة... التي لا توضع موضع شك.
* ولا حيرة؟
ـ نعم، ولا حيرة... بل بالعكس.. انا فقط أعطيت رأيي في مسألة معيّنة... كغيري ممن كتبوا عبر التاريخ... هي عبارة عن أفكار مختلفة عبر التاريخ وقابلة للنقاش... وأنا أريد ان أؤكد ان المنطلق الذي يجمعنا هو كلمة لا إله إلا اله... محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. فالاختلاف لا يمثل مشكل بالنسبة لي... أنا لديّ العديد من الأصدقاء في حياتي اليومية... منهم من هم في قمّة الانغلاق الديني ومنهم من هم في طرف النقيض.. نستطيع ان نكون مختلفين ونتعايش مع بعضنا بشرط ان نكون واعين بأن لا أحد لديه الحق في ان يقلق الآخر... اذا قلت لي لغرض سياسي او لهدف آخر مثلما هو حاصل للوهابية التي تسلمت المال لإيهام الناس انه لدينا شيء ما يجمعنا... أقول لك لا... وأنت حر.. ولكن المهم ان لا تقل لي ان ذلك ما قاله الله.
يا أستاذة.. في بعض الأحيان يأتي شخص ما ليؤطر ما فرضته البنية الاجتماعية والفكرية... ما فرضته البنية الاجتماعية من قبل أم الآن.. يمكن ان يكون من قبل لا أعرف لأن التراث الاسلامي نفسه هو قائم على هذه الخلافات..
أنا بالنسبة لي في تراث ابن عربي المتصوف اجد أشياء ممتازة جدا... أنا أرى أن هذا التراث قائم على الاختلاف... وأن الاختلاف رحمة.. وحين تقول لي نتفق على كذا لبناء دولة.. لبناء أمة... أوافقك الرأي.
اعلنت دكتورة ومنذ البدء في مقدمة كتابك ان هذا العمل أبعد ما يكون عن الأصولية في وجهها الديني والحداثي.. ولكنك في متن الكتاب ناقضت هذا المبدأ بحيث نجد ان الدكتورة ألفة يوسف لم تختلف عن الأصولية والدينية من حيث توظيف النص القرآني وتأويلها له... الوجهة التي تتناسب مع ما تريد ان تقوله ذاتيا... لا مع ما يريد أن قوله النص ذاته... وفي مستوى اتخاذ النص أداة تبرير للموقف الذاتي من القضايا التي تبحثين فيها حيث نرصد انك استعملت مثلا او تقريبا بنفس أدوات الفقهاء والمفسرين القدامى هذا من جهة ومن جهة أخرى أنت لم تختلفي عن الأصولية الحداثية في مستوى ما يُفهم من تصوّراتك للمعاني والمدلولات التي استخلصتها من النص القرآني وانتصارك في بعض الأحيان جاء محتشما وهذا صحيح لفهم ينفي مثلا المتميز في الميراث وينفي إباحة تعدّد الزوجات.. كما ينفي الأحكام الخاصة بالجنسية المثليّة..؟
ـ سؤالك فيه قسمين.. القسم الأول تقولين معنى الأصولية.. أنا الأصولية هنا استعملتها للمعنى المتطرّف يعني الانغلاق وفعلا في واقعنا اليوم تعرفون هذا.. عند المحدثين هنالك انغلاق أكبر حتى مما نجده عند الأصوليين الدّينيين.. موجود هذا عند بعض الناس اليوم.. فلا أعتقد أن الكتاب قدم قراءة نهائية.. وتتحدثين عما يقوله النص ذاته.. تعلّمت من الدراسات اللسانية والنفسية وغيرها بأن النص لا يقول شيئا.. النص لا يقول إلا ما يقوله قارئه.. وتلك مأساة الانسان لأننا لا نتصل بالآخر إلا عن طريق اللغة.. واللغة هي حاجز إزاء إدراك الحقيقة بالضبط مثلما هو الشأن مع القرآن الذي هو حاجز ـ إذا وقفنا عند بعده اللغوي فقط ـ وراء الكشف والاشراق ـ لكن هذه قضية أخرى ـ النص يقول ما نقوله وهذا يحرج.. فالطبري والغزالي والرازي وغيرهم هم في نهاية الأمر بشر.. الرازي يقول ان اللّه تعالى قال.. والغزالي يقول ان اللـّه تعالى قال.. وأي واحد يقول ذلك ـ لأن النص محكوم علينا أن نؤوّله نحن كبشر.. دائما أعود الى هذه الثنائية التي يصعب فهمها.. ولكن تجربة التحليل النفسي ساعدتني كثيرا لكي أعيشها.. لا لأفهمها يعني أن نؤول أو نفسّر لازم وضروري لكن مع وعي أن تأويلنا هو قراءة بشرية نسبية.. يعني كل ما نعيشه في هذه الدنيا من مُتع وحياتنا هذه لا نصل الى السعي ذلك ما يجعل الانسان في قمّة الراحة والاطمئنان والسعادة.. يعني «On est obligé de vivre on nصa pas le choix mais ce quصon vit ce nصest pas çaس ذلك هو الشوق الى المطلق والذي أطلق عليه أنا الشوق الى اللّه قياسا عن المتصوفة في تطبيق التحليل النفسي على القرآن.. السؤال الثاني تقولين لي نفس أدوات المفسّرين القدامى.. نعم نفس الأدوات في القراءات اللغوية في بعض الأحيان عن هذا في مجال البلاغة بعض الأدوات الحديثة أيضا مثل التحليل النفسي..
* هل مثل هذه الأدوات وهذا الاستعمال يمكنّك من التّوق الى أكثر حقيقة لا أقول الحقيقة.. الى أكثر حقائق..؟
ـ الى أكثر تآويل.. الى أكثر حقائق لا.. ولكن الكثير من الناس يقولون إن التحليل النفسي هو علم بشري فكيف تطبقين العلم البشري على القرآن.. اللغة والمجاز والبلاغة هي علوم بشرية.. ليس لنا خيار.. لنا أدوات نقرأ بها كلاما.. لغة.. حتى التاريخ وعلم الحديث هو علم بشري.. لا بدّ أن نستعمل أدوات لقراءة النصّ.. بقي أن ما حاولته في هذا الكتاب وربما هذا أكثر حاجة أقلقت الناس أنني لا أقدّم بصفة صريحة جوابا.. أؤكد على كلمة بصفة صريحة.. أنت تقولين لي انتصار محتشم.. في بعض الأحيان بدا محتشما.. وكأنك تنتظرين فكرة ولكن ألفة يوسف لا تصل إليها.. ألفة يوسف لا تريد قولها.. ليس خوفا.. كان يمكن أن أوصلها.
* حينها ماذا فعلنا إذا كنا قد خلخلنا مسلّمات بُنيت على تأويلات وتفسيرات لناس على درجة من العلم إذا كنا حينها قد خلخلنا هذه التأويلات وارتكزنا على مبدإ انّني سأقرأ وأؤوّل وأعمل عقلي.. أنت ماذا ستزرعين مكانها..؟
ـ أنا لم أخلخلها بالمفهوم الذي يعني أنني أزلتها.. سوف تواصل ألفة يوسف بقية الجواب، على هذا السؤال وغيره من الأسئلة القادمة.. فقد بادلنا حيرة ألفة يوسف بحيرة أخرى..



vendredi 10 juillet 2009

شيعة تونس


طبعا انا مع حرية المعتقد لكن تصرفات نافع البجلي المتطرفه في الفايسبوك و مطالبته بمحاكمة الفه يوسف علنا و مازال السيد حر طليق في سوسه ينشر في افكاره المتطرفه

.تصرفات هذا الاخرق لا تجعلني اشجع مثل هذا المد و حذاري من ضرب السلفيين بالشيعه فقد ينقلب السحر على الساحر . فهل نهرب من السلفيه في تونس لكي يضربنا الخميني في عقر دارنا .؟

اليكم مقالا جيدا لصحفي تونسي عسى ان يعيننا علا فهم الوضعيه خاصة و ان الرافضه عملو قروب و ينشطون من داخل تونس .


إعداد: نورالدين المباركي

تونس/الوطن



لا يعرف للشيعة في تونس أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم و أرائهم في الشأن الوطني ، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل ، هذا بالإضافة إلى التباين الواضح بين رموزهم في كيفية التعامل مع الشأن الوطني و التدخل فيه.

فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول " لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة باسم الشيعة ، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية ، ولكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على مذهب الحق في تونس...نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا .... أنا لا أتدخل في شؤون الحكم و الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ، ألا وهي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة.."(5).

موقف السيد عماد الدين الحمروني غير ذلك .

فهو يرى أن شيعة تونس يهمهم الشأن الوطني و يتدخلون فيه، بل أنه يقول" إن التونسيين المنتمين إلى مدرسة أهل البيت و منذ الثمانينات من القرن الماضي متواجدون على الساحة الوطنية و شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي......"(7).

و في الظرف الراهن ينادي السيد عماد الدين الحمروني ب" بروز حركة وفاق وطني من جيل ما بعد الاستقلال و إحياء الفكر الوطني الحر و الدفاع عن الانجازات الوطنية و أهمها الدولة و الدستور و الدعوة إلى توزيع عادل للثروة و تشجيع الثقافة الوطنية.."(8).

كما أنه يقدم تقييمه لأداء المعارضة التونسية ( الليبرالية و اليسارية و الإسلامية )، يقول :" إن ارتباط المعارضة الليبرالية و اليسارية بالخارج و ارتباطها فكريا و تنظيميا بالمؤسسات و الأحزاب و المنظمات الغربية خصوصا الفرنسية أضعف مصداقيتها و أبعدها عن ثقافة الشعب ، إضافة إلى ارتماء الإسلاميين في حضن الحركة الوهابية جعلهم مرتعا لظهور و تمكن الفكر السلفي الطائفي.."(9).

و إذا كان الدكتور محمد التيجاني السماوي ير ى أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في تونس و يفسر ذلك بأن "الدولة أعطت الحرية لكل إنسان بأن يكون شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيا ، و أن يكون ما يكون ...الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا اعتراض من قبل الدولة.."(10).فإن بعض المتشيعين يعتبرون أن طريقهم لم يخل من العراقيل و المضايقات بسبب اعتناقهم مذهب "آل البيت".


كيف تشيعوا؟

تكشف كتابات بعض الشيعة في تونس على شبكة الانترنيت، الظروف التي انتقلوا فيها من المذهب السني(المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.

فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول إن نقاشا تمّ بينه و بين أستاذ جامعي عراقي(شيعي) على متن باخرة كانت تقوم برحلة بين الإسكندرية و بيروت، وأن هذا النقاش كان مقدمة لطرح الأسئلة و البحث في مذهب آل البيت ، خاصة أنه اكتشف جهله لهذا المذهب.

ويقول أن نقاشه فيما بعد مع عدد مع المراجع الشيعية(الخوئي و محمد باقر الصدر) و مطالعته للكتب و المراجع الشيعية التي أرسلت له من العراق جعلته يقتنع بهذا المذهب و يعتنقه.

أما السيد مبارك بعداش فإن قصة اعتناقه المذهب الشيعي ، انطلقت بعد أن عجز عن الإجابة عن عدّة أسئلة تدور بذهنه"... وكنت خلال هذه الفترة أبحث عمّا يشبع روحي ويروي ظمأى ويوقظ فطرتي ويجعل وجداني ممتلئ بشهود الله تعالى..." إلى أن وجّهه أحد أصدقائه للاتصال بجماعة أهل البيت ، فربما يجد إجابات عن أسئلته.
ويقول إنه في أول لقاء مع هؤلاء وقف على جهله بالسيرة النبوية، وهو الذي كان يعتقد أنه ملمّ بها...و أنه عجز عن الإجابة عن الأسئلة التي طرحت عليه و لم يجد لها إجابات في مراجع السنة . وكان ذلك منطلقا لمراجعة معارفه و قراءة السيرة النبوية بعين أخرى ، أي من مصادر الشيعة، فوجد الإجابات التي كان يبحث عنها و "عاد إليه توازنه".
و في خصوص السيد عماد الدين الحمروني ، فيبدو أنه ينتمي إلى عائلة شيعية في الجنوب التونسي، يقول" إن أجدادي في الجنوب التونسي هم من شيعة آل محمد، قبل أن تصبح إيران شيعية في القرن السادس عشر ميلادي.."(12).

فيما لا يخفي عدد آخر من المنتمين للمذهب الشيعي أن علاقاتهم بأقربائهم و أصدقائهم ، كانت وراء تحولهم من المذهب السني (المالكي) إلى المذهب الشيعي الجعفري.(13)

و طبعا لا يمكن إهمال دور الدعاة في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي"...لقد تشيّع معي كثر من الأصدقاء الذين أصبحوا دعاة... بدأنا بالعشرات و أصبحنا آلاف مؤلفة بل تفوق مئات الألوف.."(14).

و اللافت للانتباه أن أغلب هؤلاء بعد "استبصارهم" و اعتناقهم مذهب آل البيت أصبحوا ينظرون نظرة "دونية" للمذهب السني لا تخلو من " السخرية " و" عدم "الاحترام".

فالدكتور محمد التيجاني السماوي يروي في كتابه "ثم اهتديت"، رحلته إلى النجف و كيف التقى في أحد المساجد "مجموعة من الصبية " يرتدون العمائم عجز عن محاججتهم لغزارة علمهم و هو الذي قال له أحد شيوخ الأزهر "إن مكانك الأصلي هنا بيننا " بعد أن وقف على علمه و إلمامه بأمور الدين.

يقول الدكتور محمد التيجاني السماوي" أدخلني صديقي إلى مسجد في جانب الحرم مفروش كلّه بالسجاد، وفي محرابه آيات قرآنية منقوشة بخط جميل، ولفت انتباهي مجموعة من الصبيان المعممين جالسين قرب المحراب يتدارسون وكل واحد بيده كتاب فأعجبت لهذا المنظر الجميل ولم يسبق لي أن رأيت شيوخاً بهذا السن… طلب إليهم صديقي أن أجلس معهم ريثما يذهب للقاء(السيد) ورحّبوا بي وأحاطوني بنصف دائرة…

سألوني من أي البلاد أنا، قلت: من تونس، قالوا: هل يوجد عندكم حوزات علمية؟ أجبتهم: عندنا جامعات ومدارس، وانهالت عليّ الأسئلة من كل جانب، وكلها أسئلة مركّزة ومحرجة، …وسألني أحدهم: ما هو المذهب المتّبع في تونس؟ قلت: المذهب المالكي… قال: ألا تعرفون المذهب الجعفري؟ فقلت: خير إن شاء الله، ما هذا الاسم الجديد؟

…وابتسم قائلاً: عفواً

إن المذهب الجعفري هو محض الإسلام… وعجبت لهذا الصبي الذكي يحفظ ما يقول مثل ما يحفظ أحدنا سورة من القرآن، وقد أدهشني أكثر عندما كان يسرد عليّ بعض المصادر التاريخية التي يحفظ عدد أجزائها وأبوابها، وقد استرسل معي في الحديث وكأنه أستاذ يعلّم تلميذه، وشعرت بالضعف أمامه، وتمنيت لو أنّي خرجت مع صديقي ولم أبق مع الصبيان، فما سألني أحدهم عن شيء يخص الفقه أو التاريخ إلاّ عجزت عن الجواب… وبقيت معهم أحاول تغيير الموضوع فكنت اسألهم عن أي شيء يلهيهم عن مسألتي… لأني عجزت وشعرت بالقصور، ولكن هيهات أن اعترف لهم وإن كنت في داخلي معترفاً، إذ أن ذلك المجد والعز والعلم الذي ركبني في مصر تبخر هنا وذاب، خصوصاً بعد لقاء هؤلاء الصبيان

… وتصورت أن عقول هؤلاء الصبيان أكبر من عقول أولئك المشايخ الذين قابلتهم في الأزهر وأكبر من عقول علمائنا الذين عرفتهم (في تونس) (عن كتابه ثم اهتديت: ص 49 ـ 51).

أما السيد مبارك بعداش و هو أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية في تونس (سنية) و تشيع فيما بعد ، فيقول بعد أن بلغ خبر تشيعه إلى قيادات الجماعة " قال لي راشد( يقصد راشد الغنوشي): هنيئا! هل تشيعت؟ فقلت له: إنني أسألك عن ثلاثة أمور فإن أجبتني عنها تخليت عن التشيع.
فقال: لا أريد أسئلتك لأنّنا لا نستطيع أن نجاري الشيعة في النقاش والحوار، فهم حزب قد شيدوا معتقدهم وأحكموا بناءه منذ زمن قديم، ولهم تاريخ حافل من أيام الإمام عليّ (عليه السلام) !.

فاستغربت من جوابه! وكان اعترافه هذا محفّزاً لتمسكي بالتشيع، وذلك لأنّني كنت أظن أنّ الشيعة أضعف منّا، وإذا برائد حركة الأخوان في تونس يقرّ بضعف العامة ـ قديماً وحديثاً ـ أمام الإمامية، فوجدت من غير اللائق لأيّ عاقل أن يتسلح بالعصا ويترك السيف!."(
15)

العلاقات مع إيران

بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف " مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" و أنها تعكس "تسلل و خطورة المشروع الإيراني في المنطقة". لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن" هذه الانتقادات، مبالغ فيها و أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".

و في تونس يرفض السيد عماد الدين الحمروني أن يكون شيعة تونس "صناعة خارجية "و يقول " إننا و عقيدتنا صناعة تونسية مائة بالمائة، و لسنا قوم تبع و لا جئنا بدعم خارجي و لا نمثل مصالح أجنبية ..." و لكنه يضيف "...إننا نعتز بالدولة الإسلامية في إيران فهي مفخرة كل مسلم.."(16).

غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة تونس و هو دعم معنوي بالأساس و يتمثل في توفير المراجع و الكتب الشيعية و تمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ و يقدمون في هذا الصدد عدة دلائل:
- إن الدكتور التيجاني السماوي يعترف أن محمد باقر الصدر لقبه ببذرة التشيع التي غرست بتونس، كما أن عدة وثائق في مواقع الشيعة الجعفرية على شبكة الانترنيت تربط بين انتشار هذا المذهب في تونس و بين " رحلة التيجاني السماوي الشهيرة إلى النجف"

- ثمة حادثة يرويها شيعي تونسي و هو السيد محمد العربي التونسي( تشيعّ في أواخر السبعينات) ، يقول متحدثا عن الظروف التي اعتنق فيها المذهب الشيعي، إنه التقى طالبا إيرانيا يدرس بإحدى الكليات التونسية و أن هذا الطالب هو من عرفه على الدكتور محمد السماوي، يقول:" قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه.

فسألته: ما اسمه.

فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره..
عندها ذهلت ولم أصدق.

وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟
.
فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية."
ويضيف أن هذا الشاب الايراني هو من اتصل بالدكتور محمد التيجاني السماوي الذي حضر الى العاصمة و رتب اللقاء بينهما .
ويقول السيد محمد العربي التونسي أنه طلب من الدكتور السماوي أن يقيم معه بمنزله غير انه أجابه" لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) وعن التشيع.

فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ)سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر"(18)
.

jeudi 2 juillet 2009

مناشده

http://www.facebook.com/group.php?gid=98439300905

Contre censure de youtube مناشده لرفع الحجب عن موقع يوتوب في تونس


سيدي رئيس الجمهوريه ؛

لقد قمتم مشكورا باعادة فتح موقع فايسبوك بعدما قامت مجموعة من الموظفين درجه رابعه ممن يجهلون القانون بغلقه .

ان هؤلاء الموظفين و رئيسهم عمار 404 لم يتناهى لسمعهم ان سياسة الدوله العليا هي الانفتاح و حرية التعبير ،

لا يزال هناك موقعين سيدي الرئيس مغلقين منذ 2007 اليوتوب و الديليموشن ، ان غلقهما عبثي لان الفيديوات الموجوده في هذين الموقعين موجوده في مواقع اخرى مثل المياتكافي و هنا ايظا عل الفايسبوك .

نحن سيدي الرئيس;

كشباب متنور نساند بقوه انتخابكم لولاية جديده و نطلب منكم كما يطلب الابن من ابيه اعادة فتح هذين الموقعين و ليس هذا عليكم بعزيز .

نحن لسنا ضد سياسة حجب بعض المواقع التي تسيء لتونس او التي تنشر افكار ظلاميه و رجعيه ؛

لكن سيدي اليوتوب موقع مختلف موقع عالمي و حجبه يحرمنا من انترنت حقيقي و وسيلة افادة وترفيه كبيره .

ان شبابنا سيدي الرئيس بلغ من الوعي في ظل سياستكم التربويه الرشيده ما يؤهله للتفريق بين الغث و السمين .

نعرف سيدي الرئيس ان للدول مصالح فوق حريات الافراد و ذلك هو عقدنا الاجتماعي معكم كما يقول الاستاذ برهان بسيس لكن حجب مواقع بقيمة يوتوب تلفزيون المستقبل هو ما يؤدي بالكثيرين لاستعمل بروكسي و فتح كل شيء ماذا استفدنا بعد ان يفتح كل شيء من سياسة الحجب .

و هذا مثال لذلك سيدي

http://www.facebook.com/topic.php?uid=37390171188&topic=5450

ان اعادة فتح هذين الموقعين يقطع الطريق على مجموعة كبيرة من الذين يريدون كالعادة
توظيف ملف الحريات سياسيا مثلما يقع توظيف ملف حقوق الانسان

"La censure, quelle qu'elle soit, me paraît une monstruosité, une chose pire que l'homicide ; l'attentat contre la pensée est un crime de lèse-âme. La mort de Socrate pèse encore sur le genre humain."

Gustave Flaubert
:::
::
:

في انتظار رد اجابي نرجو من الاعضاء دعوة من في قائمتهم

و لكم سديد النظر

.
:
::
:::

mardi 30 juin 2009

حين صالح نصارى الشام

كتاب ابن قيم الجوزية

عن عبد الرحمن بن غنم : كتبتُ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام، وشرَط عليهم فيه



ألّا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلّاية ولا صومعة راهب،


ولا يجدِّدوا ما خُرِّب،


ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم،


ولا يؤووا جاسوساً،


ولا يكتموا غشاً للمسلمين،


ولا يعلّموا أولادهم القرآن،


ولا يُظهِروا شِركاً،


ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا،


وأن يوقّروا المسلمين،


وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس،


ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم،


ولا يتكنّوا بكناهم،


ولا يركبوا سرجاً،


ولا يتقلّدوا سيفاً،


ولا يبيعوا الخمور،


وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم،


وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا،


وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم،


ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين،


ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم،


ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً،


ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين،


ولا يخرجوا شعانين،


ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم،


ولا يَظهِروا النيران معهم،


ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين.


فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم،


وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق
1.

lundi 22 juin 2009

د. ألفـــة يوســــــف


حيرة مسلمة
في الميراث و الزّواج و الجنسيّة المثليّة


دار سحر للنّشر
الطبعة الثالثة
أفريل 2008

ما الذي جرى للمسلمين حتّى يصير الإسلام رديفا للإنغلاق و التشدّد ؟

ما الذي جرى للمسلمين حتّى يصبح الطّبري أو الرّازي في بغض الأحيان أكثر تفتّحا من مشايخ الأزهر أو سواه من المؤسسات الرّسميّة التي تحاول مأسسة دين لا يقوم إلاّ على علاقة فرديّة بين الإنسان و خالقه ؟

ما الذي جرى لنا حتّى نعبد الفقهاء ة المفسّرين و نؤلّه كلامهم و ننسى أنّهم مثلنا بشر يجتهدون فيخطئون و يصيبون و ننسى أنّ الله تعالى عرض علينا الأمانة مثلما عرضها عليهم ؟

ما الذي أصابنا حتّى تصبح بعض القنوات التلفزيّة " طريقنا إلى الجنّة " و كأنّ الله تعالى حبا النّاطقين غبرها بمفاتيح جنانه دون سواهم ؟

ما الذي جرى لنا حتّى نسيء " تسويق " الإسلام المشرق، إسلام حرّية المعتقد و المحبّة و التّسامح و نستبدل به " إسلاما " غريبا مفزعا لا يرى في المرأة إلاّ عورة يجب سترها و لا يرى في الرجل إلاّ حيوانا نهما ينحصر تفكيره صباحا مساء في الجنس فيلهيه شعر امرأة عن واجبات دينه و دنياه ؟


إنّنا نرفع صوتنا عاليا لنؤكّد أنّ القرآن وحده هو الصالح لكلّ زمان و مكان أمّا قراءاته البشريّة فنسبيّة متّصلة بانتماءات أصحابها و أطرهم التّاريخيّة و عقدهم النّفسيّة.

و إنّنا نرفع صوتنا عاليا لنقول أنّ الطّبري أو الرّازي أو ابن عاشور – و لعلّنا نضيف لشبابنا عمرو خالد أو يوسف القرضاوي – لا يمتلكون قراءة مثاليّة نهائيّة للقرآن و إنّما هم يمثّلون ذواتهم المحدودة النّسبيّة مثلما نمثّل ذواتنا المحدودة النّسبيّة. و هذه النسبيّة البشريّة هي التي تجعل باب الاجتهاد مفتوحا دائما و هي التي تجعل كلّ قراءة للقرآن مغامرة دائمة شوقا إلى المعنى الحقيقي الذي لا يعلمه إلاّ الله تعالى

Download the book from here.

samedi 13 juin 2009

مشائخ الفضائيات... أوصياء على الجنــــــة والنـــــار!

. ألفة يوسف صاحبة الكتاب الضجّة: «حيرة مسلمة» (3):

تونس ـ الشروق:

نواصل في هذا العدد، الغوص في كتاب وجزء من فكر د. ألفة يوسف... صاحبة «حيرة مسلمة» الذي أثار جدلا واسعا...

حاولنا، عبر ساعات اللقاء الذي جمعنا، في قاعة التحرير بمقر «الشروق» مع الأستاذة وحاملة شهادة دكتوراه الدولة، السيدة ألفة يوسف، أن نطرح عليها أكثر ما يمكن من أسئلة... بل إننا حاولنا، أن نستمع الى كل الاتجاهات في السؤال والنقد، خارج اطار هيئة التحرير، حتى تكون أسئلتنا، جزءا من حيرة القارئ تجاه «حيرة مسلمة».

ما يمكن أن نؤكّده، هنا، هو أن الدكتورة الضيفة على هذا الركن الجديد، الذي تقدّمه «الشروق» منتدى للحوار والجدل بالفكرة، لم تكن تعوزها الفكرة ولا تخونها الحجّة، ولا تغيب عن ردودها الطرفة...

تواصل د. ألفة يوسف، وفي هدوء الواثق مما أصدر للناس، الحوار، وقد بيّنت أن لها سعة صدر في تقبّل الأسئلة الناقدة، قد نجازف حين نقول إننا لم نلمسه لدى غيرها...

يتواصل الحوار، ويسألها أحد رؤساء التحرير الذين عملوا ثلاثيا، على النّبش في سطور الكتاب ومرجعياته، وفي خلفيات ألفة يوسف ومقاصد مكتوبها عن عنوان الكتاب وفحوى النص، وكيف أنها باختيارها هذا العنوان «حيرة مسلمة»، وكأنها ترفع اسلامها في وجه من له النيّة في التشكيك فيها.

1/

«حيرة مسلمة» هو عنوان للكتاب الذي تصرّحين فيه من البداية وبلا لُبس بانتسابك الى الاسلام عقيدة وثقافة... يعني أن افصاحك: «أنا مسلمة»... بينما نجد في جوهر الكتاب وفي كتابتك طوال مراحل البحث تعتمدين على مقدّمات «des postulats» في القراءة وأدوات في تأويل تنتمي الى مجال ومسار البحث فيه قد يعتبر المسلمات العقائدية حائلا دون المعرفة العلمية الموضوعية...

والسؤال الذي نضعه بين يديك دكتورة ألفة هو كيف وفّقت بين الانتماء الى الاسلام في مستوى العقيدة والانتماء الى حقل المعرفة العلمية في مستوى أدوات القراءة والتأويل؟


ـ تبتسم وتفرك يديها، كفّا بكف، وفي لطف معهود منها، ثم تقول: «بكل بساطة هذا يعود الى الثنائية التي كنت أشير إليها... ولا يعلم تأويله الا الله... يعني الحقيقة يعني الجوهر... الإيمان إذا شئت هو أمر يتّصل بالعقيدة... بالإيمان... ليس له حجّة أقول هذا وأكرّره دائما في كتبي لو كانت هناك حجّة على وجود الله حجّة نهائية.... قطعيّة... لما كان هناك أناس يؤمنون وأناس لا يؤمنون... «ولو شاء ربّك لآمن كل من في الأرض كلهم جميعا. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»... ليس هناك حجّة نهائية وعقلية... يكذب من يريد أن يجعل للايمان أسسا عقليّة أو يقرأ القرآن بطريقة عقلية ليقول هذا كذا...


قال لها أحدنا في استغراب: هل تقصدين... الايمان بالغيب؟ قالت بلا تردّد: «الإيمان بالغيب بالضبط... يؤمنون بالغيب... يعني الايمان قلّ... حتى في أحاديث الرسول ے إذا أردنا أن نعتمد الأحاديث... بعضنا يعتمدها وبعضنا لا يفعل ذلك مـَن قال لا إله إلا الله خلص من قلبه... المسألة ليست عقليّة... أن تقولي لي أقنعيني بإيمانك بالله يمكن أن أقول ما شئت في المعرفة العلمية ولكن هو إحساس داخلي أشعر به... المعرفة العلمية تدخل في نطاق النسبية البشرية... في نطاق القراءات التي يعتمدها الناس... سواء أكانوا راسخين في العلم أم لا هذه أمور نسبية... لمحاولة فهم هذا النص الذي لن نفهمه لأنه بكل بساطة (النص القرآني) في لوح محفوظ الله يقول هذا... الله تعالى يقول: وقُدّم بلغة الى الناس... هل الله يتحدّث العربية... ليست المسألة بهذه البساطة والقضية طُرحت عند المعتزلة من قبل.


مشكلتنا اليوم أننا أصبحنا نعبد القرآن ونعبدالله... صعب أن نتّفق أن نعبد القرآن سنظل نعبد الله وهذا الفرق بين المتصوّفة والفقهاء... الفقهاء يريدون أن يؤسّسوا وهذا مشروع ضروري لبناء دولة، ولبناء أمة موحدة... لبناء نمط تفكير أيضا...
وهنا نسأل لماذا يقلق المتصوفة الفقهاء؟ لأنهم يقولون لهم نحن لسنا في حاجة إليكم... لسنا في حاجة إلى ما تقولون... قولوا ولكن نحن لنا علاقة مباشرة مع الله... وهذا ما يقلق... لماذا أقلق كتابي بعض الناس... لأنه يلغي هؤلاء... ليس معنى أن يلغيهم بأن يقول لهم اصمتوا لا تتكلموا ولن يضعهم في مسار نسبي... ليس ما أسمعه مرة دخلت محلا تجاريا لأشتري خبزا وجدت في المحل تلفازا وكانت هناك قناة تقول : اقرؤوا أسماء الله الحسنى، من يقرؤها يدخل الجنة... أليست هذه أمورا سخيفة... إنها سخيفة جدا ... لكنها تقوم بحث الناس... ولكني أرى أن حث الناس يجب أن يكون على أساس أن لا نكذب عليهم.


هنا سألها أحد رؤساء التحرير : أيهما أحسن أن يحفظوا أسماء الله الحسنى أو أن يسمعوا جورج وسوف؟

فقالت مبتسمة : لا يقلقني... حتى أن نسمع جورج وسوف ثم إن وسوف ليس مرادفا ولا مناقضا لأسماء الله الحسنى، المشكل في طريقة حث الناس على قراءة أسماء الله الحسنى... فهل صحيح أن قراءتها تدخل الإنسان الجنة؟ غير صحيح طبعا.


لكن جورج وسوف يستطيع أن يأخذنا الى متاهات أخرى؟... متاهات المتعة واللذة؟
عن هذا الاستفسار تقول الضيفة :

... ليست مشكلتي مع أسماء الله الحسنى... مشكلتي مع «من يحفظها ليدخل الجنة»... الله تعالى يشرع أنه هو من يدخل إلى الجنة... وأنه هو يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء...


هؤلاء الشيوخ يأخذون مكانة الله وكأن الله تعالى سيحال على البطالة آستغفر الله عن هذه الكلمة... شيء مضحك... يعرفون من سيدخل الجنة... أو أن تقول هذه الكلمة أربع مرات تدخل النار... هذا غير معقول في حين أن هناك أحاديث تؤكد أن الله تعالى هو الذي يدخل الى الجنة وهو الذي يدخل الى النار...


لكن بالأعمال والنوايا سيدخل الجنة أو النار... بالنوايا يعني بطلب الرحمة من الله .
الرسول ے قال لا يدخل أحد الجنة بأعماله بل برحمة الله تعالى... قال له ولا أنت يا رسول الله... قال له ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته... ليس معنى ذلك أننا نأتي الأشياء السلبية... لا... معناها الأعمال وحدها ليست حقا... الجنة ليست حقا مكتسبا... ليس معنى ذلك أننا نقرأ أسماء الله الحسنى وبعد... الطريقة التي تقدم بها الأشياء وكأنها «همبورغر» أمريكي... معناها نقوم بالموبقات وبمجرد أن نقرأ أسماء الله الحسنى فإن كل شيء انتهى... من قال هذا؟ الله جل جلاله لم يقله، ولارسوله.


وهنا عبرت المتحدثة عن قلقها من الذين يصرون على أنهم يمتلكون الحقيقة، والفتوى الأزلية... مشددة على أن الدين الإسلامي ليس فيه وساطة بين الخالق والمخلوق.

وهنا، ودون أن تنتظر بقية استفسار قالت : هؤلاء هم خائفون ـ أي الذين يفتون في الحلال والحرام، وفي من يدخل الجنة ومن يدخل النار ـ ويريدون أن يمنعوا الناس من الشكّ.. والشك هنا ليس بمعناه السلبي. إذ أن سرّ العلاقة المباشرة ما بين اللّه والإنسان، معروفة مسالكه.. صحيح أن الإيمان بالغيب هو بلا دلالة عقلانية أو عقلية، ولكنه أمر متعب.. اللّه سبحانه وتعالى، لا يتّصل بالناس إلا متى كانوا أنبياء أو من وراء حجاب.. وهم (أي الذين يفتون عبر الفضائيات وغيرهم) يريدون أن يمنعوا عنّا حتى هذه العلاقة «من وراء حجاب»..


إن الوضع الآن، ازداد تأزما.. وأضحت أشياء ملفتة، ومثيرة: فمثلا الآن ولكي تتصرف في شؤون حياتية عادية، يجب أن ترفع سماعة الهاتف، وتطلب الشيخ «فلانا» في الفضائية كذا، حتى تسأله في ما اعتبره تافها.. أي من قبيل، هل أن طلاء الأظافر، حرام أم حلال..؟ أو: هل أستطيع أن أتوضأ لآتي صلاتي، وأظافري مطلية..؟ في حين أننا نعلم، أنه وفي عهد الرسول ے لم يكن هناك طلاء أظافر.. هذه حيرة.. وأمور لا تحتاج إلى فقيه.. شخصيا، ليس لدي أي مشكل، لا مع الإيمان ولا مع التصرّف في حياتي.. أنا مرتاحة ومطمئنة في الكثير من الأشياء..

هنا بادرها أحد الحاضرين في هذه «الندوة» التي أمّنتها «الشروق» مع د. ألفة يوسف بالقول: لكن ماذا تقصدين بمرتاحة ومطمئنة؟

فردّت وهي تبتسم وكأنها انتظرت هذا الاستفسار لأن هذه ليست حيرة ألفة يوسف في العقيدة.. هي حيرة طرحتها على الناس.. وأن تلك الأسئلة التي قلتها.. عندي جواب عنها..

فردّ عليها أحدنا في استفسار آخر:... ولكن أنت استاذة وعندك الأدوات للتحليل ولا يعوزك السند لكن عندما ترمين هذه التساؤلات وسط العامة... فأنت تعرفين أن الايمان درجات... العام والخاص... وخاص الخاص... إلخ... ألا تعتقدين أنك ستعقّدين الأمر حيث قصدت حلّه؟

ـ لا هي حكاية سند ولا أحاديث ولا شيء.. كلنا من الداخل عندنا ومن المنظور الصوفي تلك النبضة الإلهية في داخلنا..
الإيمان بالمطمئن لا تصل إليه بالوسائل.. بالعقل.. نعم بالعقل..


* لكن أستاذة حين تقولين في كتابك مقولة «نعبد النص القرآني أم نعبد اللّه».. من أدراك أنت تحاسبين النوايا والأفئدة والوجدان الذي قلت إنه هو فيه النبضة الإلهية..؟

ـ المشكل أنا لا أحاسبهم.. هذا ما أراه.. الرسول ے قال اللهم ألهمنا إيمانا كإيمان العجائز.. إيمان العجائز هذه حاجة يعطيها اللّه.. الغزالي قال «نور قذفه اللّه في الصدر».. في آخر المطاف لأن العقل له حدود مهما أوتي من يقين..
هنا تقول ألفة يوسف: بالضبط، نحن متفقون ولكن إيمان العجائز ليس إيمانا يمر عن طريق الشيوخ أنا جدتي مثلا أو جدتك لم يكن عندها مشكل أو قضايا تطرحها من هذا النوع.. أنا جدتي مثلا كانت تذهب إلى العرس «بفوطة وبلوزة» وعندما تخرج ترتدي «سفساري».. بمعنى أن هناك قضايا جديدة باتت تطرح.. هي مرتاحة وتصلّي.


* بالنسبة لشيوخ الفضائيات يا أستاذة لك الحق في كل ما تقولينه بشأنهم.. هؤلاء الناس ربما البعض منهم صاروا سماسرة.. المنظومة السياسية والفكرية التي تحتضنهم وتدعمهم وربما عند هذه المنظومة أهداف في نفس يعقوب.. لكن نحن نتحدث هنا إزاء علامات في تاريخنا الإسلامي.. إزاء أئمة كبار.. وفقهاء كبار.. يعني تساؤلاتك ذهبت إلى خلخلة الموروث الذي تركوه وما فيه من مسلمات؟

ـ تقول الأستاذة ألفة يوسف وقد أعادها السؤال إلى فحوى كتابها حيرة مسلمة: «إذا كان كتاب الطبري أو تفسير الطبري فيه 14 جزءا، فأنا ناقشت منها أشياء بسيطة.. هناك أشياء لم أناقشها.. ربما غيري أقدر على مناقشتها..

(المصدر: جريدة "الشروق " (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 أفريل 2009)